نشر موقع (عين أوروبية على التطرف) حوارًا مع دكتور لورنزو فيدينو مدير برنامج مكافحة التطرف في جامعة جورج واشنطن، وخبير في الإسلام السياسي في أوروبا وأمريكا الشمالية ويعتبر تخصصه الدقيق هو جماعة الإخوان فى الغرب وأجرت معه الحوار د.سارة برزوسكيويتش مدير تحرير الموقع، مناسبة إجراء الحوار صدور كتاب للدكتور فيدينو مؤخرًا بعنوان “الدائرة المغلقة ..الانضمام إلى جماعة الإخوان المسلمين وتركها في الغرب”.
يتناول الحوار المطول ما اكتشفه دكتور لورنزو فيدينو حول هذه الجماعة الفاشية وكياناتها فى الغرب وتعود أهمية الكتاب إلى أن أغلب مادته عبارة عن لقاءات تمت مع بعض من تركوا الجماعة الفاشية.
يحمل الحوار الكثير من المعلومات الخطيرة عن مدى إجرام هذه الجماعة وعفونة أفكارها وتنظيماتها الداخلية، لا تنبع خطورة ماورد فى الحوار بسبب أننا لا نعلم فى مصر هذا الكم من المعلومات حول الفاشيست الإخوان فالحقيقة أن الأمر لايحتاج إلى متخصص ليكون عنده إلمام بهذه الحقائق حول خداع وإرهاب ودناءة الفاشية الإخوانية, فأى مواطن يعيش على هذه الأرض الطيبة يعلم حقيقة الفاشية الإخوانية لأنه شاهد وسمع وتضرر من إجرامهم وشائعاتهم وعملياتهم الإرهابية.
تنبع الخطورة فى هذه المعلومات أن من يعلنها باحث غربى متخصص يقيم فى الولايات المتحدة ويدرس فى أحد جامعاتها العريقة وأصدرها فى كتاب وتناولها فى حوار أى أنها ليست سرية وبالتأكيد يمكن للساسة الأمريكيين الاطلاع عليها خاصة إدارة بايدن الحالية التى تهيم عشقًا بالإخوان وتدمجهم فى مؤسساتها وتفتح للفاشيست أبواب الكونجرس.
والأكثر خطورة أن هذه المعلومات توصل إليها باحث بإمكانياته العلمية لكى يؤلف كتابا، إذًا ماهوحجم المعلومات التى تملكها أجهزة الاستخبارات الأمريكية والأوروبية حول إجرام الجماعة الفاشية وإرهابها ؟ بالتأكيد تمتلك هذه الأجهزة الكثير والكثير لكن للأسف هى تعلم وتصمت لأن الجماعة الفاشية تحقق لها مصالح شريرة فهى أداة الهدم التى تستخدمها لتدمير منطقتنا وتعطيل التنمية كوسيلة من وسائل الاستعمار الجديد.
نعود للدكتور لورنزو فيدينو والحوار الذى أجراه مع الموقع وفى بداية حديثه يؤكد ما نعلمه حول دور بريطانيا فى دعم الجماعة الفاشية منذ تأسيسها.
“في عام 2014 كلَفتني الحكومة البريطانية بالعمل على إنجاز المراجعة الرسمية الخاصة بالإخوان المسلمين وعندما سألت الراحل تشارلز فار مدير مكتب الأمن ومكافحة الإرهاب في وزارة الداخلية آنذاك لماذا اختاروني، قال: إذا كنا نريد خبيرًا في شئون الإخوان المسلمين في مصر، فهناك ما لا يقل عن أربعين خبير وبالنسبة للإخوان في الأردن فهناك ( دستة ) من الخبراء والأمر كذلك بالنسبة لسوريا لكن بالنسبة للإخوان في الغرب؟ لا يوجد سواك (…..) لأن الموضوع له أهمية بالغة من منظور السياسة العامة”
الغريب أن الحكومة البريطانية تمتلك كل هؤلاء الخبراء المتخصصين فى شئون الجماعة الفاشية على مستوى الوطن العربى كما يتفاخر المسئول الأمنى البريطانى فى حديثه مع د.فيدينو ورغم هذا لا ترى إرهاب هذه العصابة، الأمر الآخر ما هى أهمية هذه العصابة الإجرامية من منظور السياسة العامة البريطانية ؟
يوضح د. فيدينو بداية اهتمامه بالجماعة الفاشية من خلال مسجد كان فى مسقط رأسه بميلانو استخدم فى تجنيد الشباب للقتال فى البوسنة أواخر التسعينات.
“زودتني مجموعة ميلانو، وتلك المرتبطة بها، بلمحة عن التطور والطبيعة عبر الوطنية لجماعة الإخوان ، شركات وهمية في ليختنشتاين، مصنع للدواجن وشركة برمجيات في أمريكا ، استثمارات عقارية في إفريقيا والشرق الأوسط، اتصالات رفيعة المستوى في جميع أنحاء العالم وفي الوقت نفسه، كانت لديهم آراء بغيضة واتصالات مع بعض أشد الإرهابيين عنفًا في العالم”.
بالتأكيد هذه الاتصالات مع الإرهابيين وشبكات الأموال وغسيلها لم تكن بعيدة عن أعين الأجهزة الأمريكية والأوروبية ولكن مادام الفاشيست الإخوان ينفذون أغراض السيد الأمريكى أو الغربى فهم فى أمان بل توفر لهم سبل الدعم ليحاربوا ويدمرون بالوكالة نيابة عن الولايات المتحدة فى أى مكان تريده وليست أفغانستان السبعينات ببعيدة.
ينتقل د .فيدينو إلى شرح اسلوب الجماعة الفاشية فى الانتشار بأوروبا وكيفية تنفيذ مخططاتها “أقامت وجودًا لها في الغرب منذ فترة طويلة وسرعان ما أنشأت منظمات وإن لم تطلق على نفسها اسم الإخوان المسلمين وراحت تدحض التهم التي تقول إن لها صلات بالجماعة إلا أنها في الحقيقة كانت مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بها ولعبت دورًا حاسمًا في المجتمعات الإسلامية الغربية, فقد سيطروا على عدد كبير من المساجد وأصبحوا ممثلين بحكم الأمر الواقع للمجتمعات المذكورة في نظر المؤسسات الغربية”.
إنه نفس الأسلوب المخادع الذى تتبعه الإرهابية فى كل مكان بإخفاء وجهها القبيح خلف مسميات مختلفة ، يأتى الجزء الهام من حوار د. لورنزو فيدينو القائم على شهادات من كانوا داخل الجماعة الفاشية وتركوها بعد اكتشافهم مدى العفونة والفساد المترسخ داخلها.
“تحدثوا جميعًا عن الإحباط من المسائل التنظيمية والأيديولوجية على حد سواء، وأظهروا مزيجًا من خيبة الأمل من كيفية عمل الجماعة والأفكار التي تتبناها وعلى حد قول محمد لويزي عضو سابق وينتقد الجماعة بصراحة في فرنسا يمكن للقادة الكبار أن يقرروا ما يرون بمكالمة هاتفية متجاهلين الانتخابات والإجراءات واللوائح الداخلية الأساسية فالفساد الداخلي والمحسوبية، والافتقار إلى مبدأ الجدارة هي من بين القضايا التي كثيرا ما تذكر في هذا السياق و تحدث جميع الذين أجريت معهم المقابلات عن إحباطهم من إعطاء جماعة الإخوان الغربية الأولوية للسياسة على الدين كقضية رئيسية “.
يصف د فيدينو مدى الفساد داخل الجماعة الفاشية من خلال مقابلاته فأغلب المناصب والأموال هى حكر على عدد من العائلات التى تدير الجماعة وتتحكم فيها هذا غير التمييز العرقى ضد كل من يخالف القيادات فى جنسياتها وانتمائها.
“لقد أدرك عدد غير قليل منهم نتاج هذا الوضع أن رواية الإخوان حول العقيدة العالمية مجرد كلام أجوف”.
يطرح د فيدينو أمرًا يعتبره أنه أكثر ما أصابه بالدهشة أثناء مقابلاته مع الأعضاء السابقين والحقيقة لاتوجد أى دهشة لأن الفاشيست الإخوان لايتغيرون سواء كانوا فى منطقتنا أو تسللوا إلى الخارج.
” الإخوان في الغرب يشبهون إلى حد كبير جماعة الإخوان في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بالنسبة لي كانت تلك واحدة من أكثر النتائج إثارة للدهشة في المقابلات مع الأعضاء السابقين كيف أن بعض الجوانب مثل توظيف الناس في التنظيم ومنهج التربية وعمل الأسرة والهيكل الهرمي متطابقة تقريبًا بين فرانكفورت أو برمنجهام أو شيكاغو وعمان أو القاهرة “.
أما الأغراض التى تريد الجماعة الفاشية تنفيذها من تواجدها فى الغرب فيشير لها د.لورنز، أولا إقناع المسلمين الغربيين بنظرتهم السياسية والدينية للعالم وهو توجيه من يوسف القرضاوى، ثانيًا تنصيب أنفسهم كممثلين رسميين أو فعليين للجالية المسلمة في دولهم، ثالثًا عن طريق الهدف الثانى تعهد إليهم الحكومات الغربية بإدارة جميع جوانب الحياة الإسلامية في كل دولة ينشطون فيها و تكلفهم الحكومات بإعداد المناهج الدراسية واختيار المعلمين للتعليم الإسلامي في المدارس العامة وتعيين الأئمة في المؤسسات مثل الجيش ، الشرطة ، السجون، ويتلقون الإعانات لإدارة مختلف الخدمات الاجتماعية ،بمعنى آخر يستولون على جزء كبير من المجتمع لصالحهم ويحقق هذا الاستيلاء فائدة سياسية واقتصادية للجماعة الفاشية غير أن بهذه الطريقة تصبح المجتمعات الغربية أداة فى أيديهم ليضغطوا بهاعلى بلدانهم الأصلية لتحقيق المزيد من المكاسب الشريرة.
يورد د. لورنزو فيدينو شهادة هامة فى حواره حول أحد أعضاء الجماعة الفاشية فى السويد واسمه بيير دورانى وهو من أب بكستانى وأم سويدية وأطلق دورانى على نفسه لقب الساذج الأزرق العينين لأن التنظيم جنده بسبب ملامحه السويدية مما يعطى اطمئنانا للمجتمع عندما يتحدث مع الحكومة والمواطنين فى السويد، ويصف دورانى نفسه بالساذج لأنه صدق ماتدعيه الجماعة الفاشية من قيم ومُثل.
” جند لأن لغته الأم هي السويدية وكونه أشقر وأزرق العينين فهو يعتبر وجهًا مطمئنًا للمجتمع السويدي على حد قوله عقب سنوات من انضمامه للشبكة اتضح لبيير أن ما كان يدور في خلد قادة الإخوان للسويد كان مختلفًا جدًا عما قالوه علنا وما يريدونه ، ويقدم العديد من الأمثلة على قادة الإخوان الذين يسخرون من الشعب السويدي بسبب سذاجتهم وأخلاقهم ويرى دورانى أن قيادة الإخوان المسلمين المؤلفة إلى حد كبير من العرب تحدثت أيضا باستخفافٍ عن المسلمين الاريتريين والصوماليين وغيرهم من المسلمين الأفارقة محطمة بذلك المثل الأعلى للإخوة في الإسلام و يقول دورانى إن المؤسسة السويدية قبلت ظاهريًا الادعاء الكاذب الذي أدلت به مجموعة صغيرة من الناشطين المنظمين الإخوان وذوى الدهاء بأنهم يمثلون المجتمع الإسلامي بأسره”.
يصل بيير دورانى إلى جزء هام فى شهادته حول مدى الخداع الذى تمارسه الجماعة الإرهابية فى الغرب حتى تنفذ مخططاتها
“تعلم الإخوان كيفية استخدام لغة حقوق الإنسان والديمقراطية والتعددية الثقافية لمصلحتهم الخاصة دون أن يثمنوا حقًا تلك المفاهيم و مكنتهم قدرتهم على استخدام لغة اليسار السويدى المعاصر من أن ينظر إليهم على أنهم مجموعة من الضحايا و رفض أى نقد يوجه إليهم باعتباره تعصبا ضدهم”.
إنها نفس أساليب المظلومية التى يدعونها اما حقيقتهم أنهم أصلاء فى الإجرام والإرهاب.
أعتقد أن حوار دكتور لورنزو فيدينو حول الجماعة الإرهابية والفاشية الإخوانية ولقاءاته مع من تركوها أصدق مايقال عنه …وشهد شاهد من أهلها.
نقلا عن جريدة اخبار الحوادث المصرية