تحت عنوان: “نساء اليمن على حافة الهاوية”، استعرضت مؤسسة ماعت للسلام والتنمية وحقوق الإنسان، في تقرير جديد، أنماط الانتهاكات والإساءات التي تتعرض لها المرأة اليمنية منذ بداية النزاع في اليمن وحتى الوقت الراهن، لاسيما في المناطق الخاضعة لسيطرة جماعة الحوثيين، مشيرة إلى أن المليشيا ارتكبت جرائم متعددة في حق المرأة اليمنية، تنوعت ما بين الاستهداف المباشر والقتل بالرصاص العشوائي، والاحتجاز التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب، وإزهاق أرواح عدد كبير من النساء بسبب الألغام الأرضية، فضلا عن أثر النزاع الحالي في اليمن على مستقبل الفتيات لاسيما في ظل خروج نحو 2 مليون طفل يمني من العملية التعليمية وهو رقم من المرجح أن يتفاقم إلي 5 مليون ونصف في حال نقص التمويل اللازم للعملية التعليمية في اليمن وفي ظل استهداف المرافق والكوادر التعليمية.
وصدر التقرير على هامش الاحتفال باليوم العالمي للمرأة، والذي يُصادف 8 مارس 2021، وهو الذي احتفلت به الأمم المتحدة للمرة الأولى في 8 مارس من عام 1975 خلال الاحتفال بالسنة الدولية للمرأة وبعد ذلك بعامين وفي ديسمبر 1977 اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة القرار رقم 32/142 يوم 8 مارس من كل عام كيوم دولي للاحتفال بحقوق المرأة وموضوع احتفالية هذا العام هو “المرأة في الصفوف القيادية لتحقيق المساواة في ظل جائحة فيروس كورونا المستجد”.
وأشار التقرير إلى إن اليمن تعاني من انعدام المساواة بين الجنسين، وهو ما توضحه المؤشرات الدولية حيث جاءت اليمن في المرتبة الأخيرة في المؤشر العالمي للفجوة بين الجنسين الذي وضعه المنتدى الاقتصادي العالمي لثلاثة عشر سنة على التوالي، وألقت مؤسسة ماعت من خلال هذا التقرير الضوء على وضع المرأة اليمنية في ظل النزاع المُسلح الذي قارب على العام السابع توالياً، وما خلفه هذا النزاع من تأثير غير متناسب على حقوق المدنيين بشكل عام والمرأة اليمنية بصفة خاصة والتي تعرضت لأنماط من الانتهاكات والإساءات في الصراع الحالي لاسيما في المناطق الخاضعة لحكم جماعة الحوثيين، وتحملت وطأة هذه الإساءات وحدها ما جعل اليمن أسوأ دول للعيش بالنسبة للنساء.
ووثق تقرير مؤسسة ماعت هذه الانتهاكات التي تعرضت لها المرأة اليمنية منذ بداية النزاع وحتى الوقت الراهن وتوزعت هذه الانتهاكات ما بين القتل المباشر باستخدام القصف العشوائي والرصاص الحي على المدنيين، ووثق التقرير إلى ما يقرب من 4 ألاف 300 انتهاك خلال الفترة من مارس 2015 حتى أكتوبر 2020 في صنعاء وفي مناطق أخرى خاضعة لسيطرة الحوثيين بقوة السلاح. وتنوعت هذه الانتهاكات ما بين 1500 حالة قتل و2800 حالة إصابة للنساء جراء القصف المدفعي والإصابة بالألغام المضادة للأفراد وعمليات القنص من قبل عناصر مُسلحة تابعة للحوثيين، فضلا عن إطلاق الرصاص الحي بشكل عشوائي.
وفي هذا السياق، أكد أيمن عقيل، رئيس مؤسسة إن استمرار النزاع في اليمن يعرض أكثر من ثلاثة ملايين ونصف امرأة في اليمن لخطر العنف، وأوضح عقيل إن المرأة اليمنية في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين تحملت وطأة انتهاكات لا حصر لها، وتنوعت هذه الانتهاكات ما بين الاحتجاز خارج نطاق القانون والاختفاء القسري والتعذيب في سجون يٌشرف عليها الحوثيين. علاوة على ذلك أوضح عقيل إن الحوثيين ما زالوا يجندون النساء في المناطق الخاضعة لسيطرتهم بهدف إحكام قبضتهم على المعارضات والمدافعات عن حقوق الإنسان، وأفاد عقيل إن الحوثيين ينوون تجنيد 2000 امرأة في تنظيم جديد يسمى “الفاطميات” على غرار تنظيم الزينبات والذي يرتكب أبشع الجرائم بحق النساء.
ورحب أيمن عقيل بقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2564 التي اعتمدها المجلس في 25 فبراير 2021 من شمول العقوبات التي يفرضها القرار رقم 2140 لعام 2014 لسلطان زابن مدير إدارة البحث الجنائي في صنعاء والذي يقود تنظيم الزينبات. وهو جهاز استخباراتي طوعته جماعة الحوثيين لأعمال التخويف والترهيب واستهداف النساء اليمنيات المعتقلات في السجون في المناطق الخاضعة لسيطرتها بما في ذلك العنف الجنسي والضرب المُبرح والإجبار على تبني جرائم لم يقترفها هؤلاء النساء.
وقال علي محمد، الباحث في مؤسسة ماعت إن اللاجئات في اليمن تحملن وطأة النزاع أكثر من غيرهم يتعرضن لكافة أشكال التعذيب والعنف الجنسي وغيرها من أشكال المعاملة القاسية والمٌهينة على يد حراس مراكز الاحتجاز والمهربين في طريقهم إلى دول المقصد بغية كسب المال والبقاء على قيد الحياة.
كما لفت الانتباه إلي تواطئ الحوثيين على تجهيل الفتيات في المناطق التي يحكمونها، وفي هذا الإطار أشار الباحث بمؤسسة ماعت إلى الإحصائيات المتعلقة بتعليم الفتيات في الوقت الراهن، والتي تٌعبر عن تأثير النزاع الحالي على العملية التعليمية وأشار إلى إن 58 % من الفتيات في اليمن خارج التعليم في المرحلة الأساسية و84% من الفتيات في المرحلة الثانوية لا يرتادون المدارس و92% في المرحلة الثانوية. وطالب محمد المجتمع الدولي باستمرار تمويل العملية التعليمية في اليمن.
وفي الأخير طالبت مؤسسة ماعت، مجلس الأمن شمول العقوبات المرتبطة بالقرار رقم 2140 التابع لمجلس الأمن لوزير الداخلية في حكومة جماعة أنصار الله غير المعترف بها عبد الكريم أمين الدين الحوثي لتورطه في أعمال عنف ضد النساء اليمنيات في العام المنصرم إضافة إلى إن كافة أعمال الترهيب والتخويف ضد النساء صادرة عنه وعن الأجهزة التي تأتمر بتوجيهاته، إضافة إلى وضع التحديات التي تواجهها المرأة في اليمن على جدول أعمال المجلس الشهرية، بما في ذلك استهداف النساء بالقتل المباشر والعنف الجنسي والتعذيب في السجون اتساقا مع التوصية التي قدمها فريق الخبراء المعني باليمن التابع للجنة الجزاءات في تقريره الأخير.