نشرت صحيفة الإندبندنت مقالا للكاتب باتريك كوبيرن تناول فيه مسألة توظيف قضايا حقوق الإنسان في الاستقطاب السياسي العالمي.
وقال كوبيرن إنه “خلال الحرب الباردة الأولى بين الغرب والاتحاد السوفيتي، أصبحت اللاعدالة وحقوق الإنسان قضية مركزية على نحو متزايد”، وفيما “كان ينبغي أن يكون هذا تطورا إيجابيا، قلت قيمته من خلال الاستخدام الحزبي وتحولت القضية إلى أداة دعاية.”
وأوضح الكاتب أن “جوهر هذه الدعاية ليس الأكاذيب أو حتى المبالغة، بل الانتقائية”.
وأعطى مثالا على ذلك “بقاء التركيز في حينه على القمع السوفييتي الحقيقي في أوروبا الشرقية وبعيدا عن الحكم الوحشي للديكتاتوريين المدعومين من الغرب في أمريكا الجنوبية”، معتبرا أن “التسليح السياسي لحقوق الإنسان كان فظا ومنافقا، لكنه كان فعالا للغاية”.
ويرى كوبيرن أنه “مع دخولنا في حرب باردة ثانية ضد الصين وروسيا، هناك دروس يمكن تعلمها من الأولى، حيث أن آليات الدعاية نفسها تعمل بجد مرة أخرى”.
وأضاف في هذا السياق: “تنتقد الحكومات ووسائل الإعلام الغربية الصين بلا هوادة بسبب اضطهاد مسلمي الأويغور في إقليم شينجيانغ، لكن لم يرد ذكر لقمع المسلمين الكشميريين في كشمير التي تسيطر عليها الهند”. كما “تم التعبير عن الغضب الدبلوماسي والإعلامي عندما قصفت روسيا والحكومة السورية المدنيين في إدلب في سوريا، لكن قصف المدنيين خلال الحملة الجوية التي تدعمها السعودية بقيادة السعودية في اليمن، لا يزال في ذيل الأجندة الإخبارية”.
وتابعت الإندبندنت أنه “فيما يسأل الذين يقومون بالدعاية كيف أن الاعتقالات الجماعية وحالات الاختفاء والتعذيب التي يتعرض لها الكشميريون مختلفة تماما عن العقوبات الوحشية المماثلة التي تُنزل بالأويغور”، يجيب هؤلاء بأن من يسأل ماذا عن كشمير أو اليمن هو من يشجع على أسلوب المقارنة، ما يصرف الانتباه عن الجرائم المرتكبة ضد الأويغور والمدنيين السوريين.
ورأى الكاتب أن “الغرض الحقيقي من هذه المناورة من وجهة نظر أولئك الذين يشنون حروب المعلومات هو فرض الصمت المريح على المخالفات التي يرتكبها جانبنا مع التركيز حصريا على أفعالهم” في الجانب المعادي.
وأعطى كوبيرن مثالا آخر قائلا “كان الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للعراق في عام 2003 مبررا بالادعاء بأن صدام يمتلك أسلحة دمار شامل وأي شخص أشار إلى أن الدليل على ذلك مشكوك فيه يمكن تشويهه باعتباره متعاطفا سريا مع الديكتاتور العراقي”.
وقال الكاتب “يمكن أن تكون الماذاعنية “أو المقارنة” والتكافؤ الأخلاقي قوة تعمل من أجل الخير. إنها تؤثر على القوى العظمى، وإن لم يكن بقدر ما ينبغي، لتنظيف أفعالهم بدافع المصلحة الذاتية البحتة، وبالتالي تمكنهم من انتقاد منافسيهم من دون الظهور بمظهر النفاق الصريح”.
وأعطى مثالا على ذلك حين “لعب الاعتقاد بأن الاتحاد السوفييتي كان يستخدم التمييز العنصري في أمريكا بنجاح لتشويه سمعة الولايات المتحدة كبطل للديمقراطية، دورا مهما في إقناع صناع القرار في واشنطن بأن الحقوق المدنية للسود كانت من مصالح الحكومة ذات الأولوية”.
وتابع أنه “بمجرد أن تصبح الماذاعنية والتكافؤ هما القاعدة في التقارير الإعلامية، سيكون لدى حكومة الولايات المتحدة دافع قوي لمحاولة إنهاء عسكرة قوات الشرطة الأمريكية، التي قتلت 1004 أشخاص بالرصاص في عام 2019. وهذا ينطبق أيضا على كيفية تعامل الشرطة مع مسألة العرق”.
وذكر الكاتب بأن “المنافسة في الحرب الباردة بين القوى العالمية لها العديد من العواقب الضارة، ولكن يمكن أن يكون لها أيضا عواقب حميدة” إذ إن “إحدى النتائج المنسية لإطلاق الاتحاد السوفيتي سبوتنيك، أول قمر فضائي في عام 1957، هو أنه أدى إلى زيادة مذهلة في إنفاق الحكومة الأمريكية على التعليم في التخصص العلمي والتعليم العام”.