أكد مركز الإمارات للسياسات أن وصول الرئيس الأميركي جو بايدن إلى رئاسة الولايات المتحدة أدى إلى مزيد من التدهور في العلاقات التركية-الأميركية المتأزمة أصلًا.
وقال المركز في تحليل له أن اعتراف بايدن خلال شهر أبريل 2021 بالمذابح ضد الأرمن يعد مؤشرًا واضحًا على أن واشنطن لن تدعو أنقرة إلى قمة الديمقراطيات التي تعتزم إدارة بايدن عقدها خلال صيف العام الجاري في واشنطن.
‘أسباب تراجع العلاقات’
وبحسب المركز تراجعت العلاقات بين الطرفين كثيرًا خلال السنوات القليلة الماضية لسببين رئيسين: الأول، قرار تركيا شراء منظومة الدفاع الصاروخي الروسية على الرغم من الاعتراضات القوية من جانب واشنطن و”الناتو”.
والثاني، لم تعد وزارة الدفاع الأميركية “البنتاغون”، خاصة القيادة الوسطى، من المدافعين الأقوياء عن أنقرة بسبب مشاكل خطيرة واجهتها واشنطن في سوريا.
وعند النظر إلى القائمة الطويلة من القضايا، فإن الاختلاف بين تركيا والولايات المتحدة حول سوريا يُعَدُّ الأهم، والتي أدت إلى إحداث أزمة ثقة في العلاقات التركية-الأميركية يصعب حلُّها لغاية الآن.
ويتجلى التناقض الصارخ بين ترامب وبايدن في إمكانية تواصل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مع البيت الأبيض، حيث كان أردوغان في عهد ترامب أحد القادة الأجانب القلائل الذي كان يتصل مباشرة مع الرئيس عبر الهاتف بحسب توجيهات الرئيس نفسه.
وأشارت بعض التقارير إلى أن أردوغان كان يتصل أحيانًا مع ترامب مرتين أسبوعيًّا. لكن الأمر تغير في عهد بايدن، إذ تعيَّن على الرئيس التركي الانتظار نحو ستة أشهر (تحديدًا حتى 23 أبريل) قبل عودة بايدن للاتصال به للرد على تهنئة أردوغان للرئيس المنتخب منتصف نوفمبر 2020 وليبلغه بقراره الاعتراف بالإبادة الجماعية للأرمن.
ويعمل بايدن مع فريق السياسة الخارجية على تخطيط التحالف التكتيكي مع الكرد السوريين. فالقائد السابق للقيادة الوسطى الأميركية، لويد أوستن، الذي لم يكن يدعم بشكل كبير الاستراتيجية التركية المؤيدة للإسلاميين في سوريا، أصبح الآن وزيرًا للدفاع.
كما أن بريت ماكغورك، والذي كان من أشد المدافعين ليس فقط عن إقامة شراكة تكتيكية ولكن أيضًا استراتيجية مع الكرد السوريين، هو الآن كبير مستشاري بايدن للشرق الأوسط في مجلس الأمن القومي الأميركي.
‘مستقبل العلاقات’
وبحسب المركز، فإن الشراكة الكردية-الأميركية لا تزال معلّقة في سوريا. ولا يزال فريق الرئيس بايدن والقيادة الوسطى الأميركية يؤيدان الحفاظ على وجود رمزي للقوات الأميركية في سوريا. ويُشير هذا الوضع إلى عدم وجود نية لديهم لإنهاء التعاون مع وحدات حماية الشعب في سوريا. إن استمرار الشراكة الكردية-الأميركية لا يُبشّر بالخير بالنسبة لـ “أزمة الثقة” في العلاقات التركية-الأميركية.
من ناحية أخرى، لا تزال عقوبات “قانون مواجهة أعداء أميركا من خلال العقوبات” سارية المفعول، إذ تصرّ الولايات المتحدة على عدم استخدام تركيا لنظام الدفاع الجوي الروسي طراز “أس-400”.
وبخصوص آخر التطورات بشأن اعتراف بايدن بإبادة الأرمن من قبل تركيا، فإن الأمر المثير للاهتمام هو حقيقة أن أردوغان قرَّر عدم المبالغة في رد الفعل على اعتراف بايدن بالإبادة الجماعية للأرمن. وعلى الرغم من التوقعات، إلا أنه لم يستدع السفير التركي في واشنطن ولو بشكل مؤقّت.
لقد أثبت أردوغان مرة أخرى أنه يمكن أن يكون براغماتيًّا؛ فقد أدرك أن العلاقات التركية-الأميركية في عهد بايدن يمكن أن تتدهور بسهولة، وهو ينخرط في السيطرة على الأضرار وإدارة الأزمات.
إن مساعي أردوغان الأخيرة للتهدئة في الشرق الأوسط هي جزء من الاستراتيجية نفسها لإعطاء الأولوية للاقتصاد التركي بدلًا من الأولويات الأيديولوجية.
وفي النهاية، يريد أردوغان الفوز في جولة انتخابات أخرى والاقتصاد هو المفتاح لتحقيق ذلك النصر الصعب. وهو يريد أن يثبت للمستثمرين الغربيين، وبخاصة الأوروبيين منهم، وكذلك لرأس المال المحتمل من الخليج، أن تركيا لاعب عقلاني.