بينما يتوجه أطفال العالم صبيحة كل يوم إلى مدارسهم، يحمل أقرانهم في اليمن السلاح،
ويقدمون أجسادهم الغضة قرباناً يومياً على مذبح حرب لا يعرفون عنها إلا الدفاع عن شعارات دينية تحمل أسماء تهتف بالموت قبل أن تتلوا قائمة من “الأشرار” مثل أميركا وإسرائيل.
ومع استعار أوار الحرب الدائرة، لم يجد الحوثيون بداً من الاستعانة بأطفال اليمن،
بحسب اتهامات أممية للميليشيات التي تسيطر على مساحات من شمال البلاد،
وهؤلاء الضحايا جرى إخراجهم من المدارس والزج بهم بلا هدى في محارق الموت الزؤام
بعد أن تم استغلالهم واستدراجهم وإجبار بعضهم على القتال، وفقاً لرواية الحكومة الشرعية.
“الحوثي” على القائمة السوداء
وفي مستجد دولي، أدرجت الأمـم المتحـــدة جماعة الحوثي على القائمة السوداء للجماعات المنتهكة لحقوق الأطفال،
وقالت إن:
“جماعة الحوثي قتلت وشوهت 250 طفلاً يمنياً جرى رصد حالاتهم”.
وهو ما علق عليه القيادي في سلطة الأمر الواقع بصنعاء محمد علي الحوثي، مؤكداً أن هذا الكلام:
“لا يستند إلى حقائق ميدانية ولا تقارير لجان مستقلة”،
معتبراً أن القرار الذي اتخذته الجهة الدولية لا يتجاوز أن يكون
“ابتزازاً سياسياً يهدف من خلاله الأمين العام أنطونيو غوتيريش لإعادة انتخابه”.
منابر الدين والدراسة
منذ بدء الحرب التي سببها انقلاب الـ 21 من سبتمبر (أيلول) 2014 على الشرعية،
عمد قادة الميليشيات إلى الاستعانة بالأطفال والمراهقين لسد النقص اليومي الفادح في صفوف مقاتليهم الذين لا يأبهون لأعدادهم المتزايدة،
من خلال شن حملات تجنيد واسعة لاستقطاب الأطفال وأبناء القبائل والفقراء ومحدودي الدخل والمهمشين،
لرفد ما تسميه دوماً “جبهات الشرف والبطولة”، مسبوقة بحشد ثقافي وتوعوي كانت منابر المساجد والمدارس ومنصات الإعلام أبرز أدواته التعبوية والتحريضية،
مستمدة البعد الديني والحشد الطائفي كمحركين رئيسين لتأجيج مشاعر الأطفال والمراهقين والشباب من ناحية،
والتغرير على آخرين منهم بمنحهم رتباً عسكرية ورواتب شهرية،
في استغلال مقيت لحال الفقر المدقع الذي تعانيه معظم فئات الشعب اليمني، خصوصاً النشء والشباب.
مذابح الطفولة بالمئات
وفي إحصاء صادم لواحدة من أبشع الجرائم بحق الطفولة في اليمن، كشف تقرير حقوقي أعده الباحث اليمني عبده الحذيفي،
عن مقتل مئات الأطفال دون الـ 15، جندتهم ميليشيات الحوثي للقتال في صفوفها ضد الجيش الوطني.
الحذيفي الذي رصد إحصاء الضحايا وفقاً لما تعلنه وسائل إعلام الميليشيات، أكد خلال حديثه إلى:
“اندبندنت عربية” أن “أكثر من 1410 أطفال تتراوح أعمارهم بين 10 و15 عاماً قتلوا في جبهات ميليشيات الحوثي خلال العام الماضي فقط،
خلال معارك يزج بهم فيها ضد قوات الجيش الوطني والمقاومة الرافضة للمشروع الحوثي السلالي العنصري المدعوم من إيران”، على حد قوله.
تجنيد 30 ألف طفل
وفي المؤتمر الأول لحقوق الإنسان الذي أقيم أمس في محافظة مأرب شرق اليمن،
أكدت رئيسة مؤسسة “دفاع” للحقوق والحريات هدى الصراري:
أن ميليشيات الحوثي جندت خلال العام الماضي فقط أكثر من 30 ألف طفل للمشاركة في القتال بشكل طوعي،
و10 آلاف قسراً في الأعمال القتالية بشكل مباشر وغير مباشر.
الصراري أوضحت في ورقتها التي قدّمتها بعنوان، “جريمة تجنيد الأطفال في اليمن”،
أن القانون الدولي الإنساني “حظر تجنيد أو استخدام الأطفال من قبل الجماعات المسلحة أو القوات المسلحة”.
ومنذ انقلابها العام 2014 أكدت الحقوقية الصراري أن الميليشيات استخدمت الأطفال وأقحمتهم في معاركها بصور وأنماط متعددة للمشاركة في الأعمال الحربية في المناطق الخاضعة لسيطرتها،
مما أدى إلى مقتل وإصابة المئات منهم.
وقالت:
إن الحوثيين “يمارسون على مرأى ومسمع من العالم تجنيد الأطفال،
ويطلقون حملات تطوعية وإجبارية في مناطق سيطرتهم،
مستخدمين أذرعتها وأجهزتها الأمنية والقبلية والمشرفين”.
52 مركزاً للاستدراج
وفي توضيح للطرق التي تنتهجها الميليشيات لإقناع آلاف الأطفال للالتحاق بصفوف مقاتليهم،
والزج بهم إلى محارق الموت اليومية، أفادت الحقوقية اليمنية أن الحوثيين أولوا مشرفيهم مهمة استدراج الأطفال للمراكز والمعسكرات التي افتتحتها في مختلف العزل والقرى والمديريات،
وقد بلغ عدد هذه المراكز 52 معسكراً، تدرّب فيها مئات الأطفال واليافعين.
إقرأ أيضاً: