شهدت إثيوبيا خلال الساعات القليلة الماضية احداث سريعة ، حيث حقق إقليم تيجراي انتصارات متلاحقة من خلال قوات الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي على الجيش الإثيوبي والميليشيات المتحالفة معه، في الوقت الذي تزداد فيه الضغوط الدولية على حكومة رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، لوقف انتهاكات حقوق الإنسان التي يشهدها الاقليم.
وذكرت وكالة الأنباء الفرنسية، الثلاثاء، أن المجلس الدولي لحقوق الإنسان صدّق اليوم على قرار طرحه الاتحاد الأوروبي، يثني على وقف إطلاق النار الذي أعلنته الحكومة الفيدرالية الإثيوبية في نهاية يونيو الماضي ومشاركتها في تحقيق مشترك حول الوضع في تيجراي، لكنه أعرب عن قلقه الشديد حيال التجاوزات الواسعة النطاق المرتكبة في المنطقة خلال الأشهر الماضية، ومن ضمنها مجازر بحق السكان وأعمال عنف جنسية.
وأشار القرار إلى ضلوع قوات إريتريا في هذه التجاوزات، ومن ضمنها انتهاكات للقانون الدولي تساهم في «تأجيج النزاع».
ودعا القرار الذي أقره عشرون دولة من أصل أعضاء مجلس حقوق الإنسان الـ47، مقابل 14 صوتا معارضا، وامتناع 13 عضوا عن التصويت، إلى «وقف فوري لكل الانتهاكات لحقوق الإنسان والتجاوزات والانتهاكات للقانون الإنساني الدولي»، كما يدعو النص إلى «انسحاب سريع ويمكن التثبت منه لقوات إريتريا من منطقة تيجراي».
وردت الحكومة الإثيوبية على القرار ببيان أعربت فيه عن خيبة أملها إزاء القرار الذي اتخذه الاتحاد الأوروبي بشأن حالة حقوق الإنسان في تيجراي، والذي تم تبنيه في الدورة السابعة والأربعين لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة.
وذكر البيان الإثيوبي أن الحكومة الإثيوبية وافقت على نشر فريق تحقيق مشترك مؤلف من اللجنة الإثيوبية لحقوق الإنسان والمفوضية السامية لحقوق الإنسان للتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان التي يُزعم ارتكابها خلال الأزمة في تيجراي، مشيرا إلى أن هذا الفريق المشترك بدأ تحقيقاته في مايو الماضي ومن المتوقع أن ينهي عمله في أغسطس ٢٠٢١.. بالإضافة إلى ذلك، يتم توسيع نطاق التحقيقات من خلال تنسيق جهود نظام القضاء العسكري وسلطات إنفاذ القانون الإقليمية والمحققين والمدعين الفيدراليين.
وأوضح البيان أنه منذ طرح الاقتراح من قبل الاتحاد الأوروبي في الدورة (السابعة والأربعين) ٤٧ لمجلس حقوق الإنسان، دعت الحكومة الإثيوبية إلى سحب القرار على أساس أنه أولاً، سابق لأوانه، وثانيًا، يتعارض ويقوض نزاهة التحقيقات المشتركة الجارية، مشيرًا إلى أنه أوضحت قضيتها أمام المجلس، وطالبت بأن يأخذ التحقيق مجراه، ودعت الهيئة الموقرة إلى توفير الوقت والمكان اللازمين لاستكمال التحقيقات. ومع ذلك، لم تنجح جميع جهودها، وفي رأيها أنه لا يوجد أساس أخلاقي أو قانوني يبرر اعتماد قرار ذي دوافع سياسية في وقت مبكر. وكان من شأن المشاركة البناءة، وليس اتخاذ قرار متسرع من جانب المجلس، أن تسهم في التعجيل بإيصال الجهود الجارية إلى خاتمة ناجحة. لهذه الأسباب ترفض إثيوبيا هذا القرار.
وقال البيان: «ليكن معلومًا أن أولئك الذين تورطوا في ارتكاب جرائم سيقدمون إلى العدالة ويعاقبون إلى أقصى حد يسمح به القانون، وتؤكد الحكومة الإثيوبية مرة أخرى التزامها بالوفاء بالتزاماتها الوطنية والدولية في مجال حقوق الإنسان».
تأتي هذه التطورات في الوقت الذي شنّت فيه القوات المتمردة هجومًا جديدا في إقليم تيجراي الإثيوبي الذي يشهد نزاعا منذ ثمانية أشهر وطالته معارك في مخيم لاجئين، حسبما أكدت مصادر في منظمات إنسانية لوكالة فرانس برس.
وقال غيتاشو ريدا في اتصال هاتفي صباح الثلاثاء مع فرانس برس: «في الأمس باشرنا هجوما في منطقة رايا (جنوب تيجراي) وتمكنا من إلحاق الهزيمة بوحدات قوات الدفاع الفيدرالية وقوات أمهرة».
وقال: «تمكنا من ضمان أمن معظم جنوب تيجراي»، وأشار إلى أن المتمردين سيطروا على ألاماتا، كبرى مدن المنطقة، مؤكدا أنه موجود فيها.
ويقول الخبير السوداني في شؤون منطقة القرن الإفريقي عبدالقادر الحيمي: إن قوات دفاع تيجراى تمكنت صباح اليوم وقبل ثلاثة ساعات من دخول مدينة عدى اركاى بإقليم الأمهرة، مما يعد تحولا كبيرا في سير العمليات الحربية بعد أن تسلم التيجراى زمام المبادرة العسكرية في محاور القتال منذ أن أعلنوا قبل أسابيع شن هجوم عام لتحرير إقليمهم.
وأضاف الحيمي: «مع سقوط عدى اركاى، صار الطريق أمامهم مفتوحا إلى قوندر وهى مدينة تاريخية في إقليم الأمهرة، لكن من غير المعروف ما إذا سيواصلون هجومهم نحو قوندر أم يستهدفون قطع الطريق أمام أي إمدادات متجهة إلى الحمرة الاستراتيجية (والتى تم عزل كل الطرق والمحاور التي تؤدى إليها تمهيدا لاقتحامها)».
وذكر نشطاء إثيوبيون من إقليم تيجراي على صفحاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك» أن السلطات الإثيوبية تقوم بحملة اعتقالات بالجملة لأبناء شعب تيجراي في إثيوبيا وتقوم بإغلاق كل مشاريعهم ومصادرة ممتلكاتهم.
وفي محاولة منها للفت الأنظار بعيدا عن هذه التطورات الداخلية والخارجية التي تشهدها إثيوبيا، أصدرت الحكومة الإثيوبية بيانا حول مفاوضات سد النهضة، وذلك محاولة منها لشغل الرأي العام الداخلي في إثيوبيا بعيدا عن الضغوط الدولية التي تتعرض لها، إضافة إلى ما يتردد عن انتصارات متتالية تحققها قوات جبهة تحرير تيجراي على الجيش الإثيوبي.
والغريب في البيان أن الحكومة الإثيوبية أبدت استعدادها للدخول في مفاوضات مع مصر والسودان بشأن سد النهضة وأنها جاهزة للعمل على النهج التدريجي الذي اقترحه رئيس الاتحاد الإفريقي، حيث سبق أن رفضت الحكومة الإثيوبية الشروط التي أعلنتها الحكومة السودانية للموافقة على المبادرة التي طرحتها الكونغو الديمقراطية بالنهج التدريجي في المفاوضات، حيث تمثلت الشروط السودانية في: توقيع الاتفاق في غضون أربعة أشهر، وأن يكون الاتفاق مبنيا على ما تم الاتفاق عليه، وتبني الاتفاق من قبل الاتحاد الإفريقي والدول الأخرى المنخرطة في الموضوع، ووجود ضمانات من المجتمع الدولي.