كشفت سنوات الأزمة الليبية الماضية عدة محاولات لاستخدام ما يسمى بالغطاء الثوري لإنشاء جيش من التنظيمات الإرهابية (التي تعتمد على اسلوب العنف) التابعة لتنظيم الإخوان، منها على سبيل المثال “سرايا الثوار”، وبعدها “مليشيات الدروع” وغيرها.
ما يقرب من 10 سنوات حصد فيهم الشعب الليبي صوت الرصاص ومنظر الدماء نتيجة تلك المليشيات التي تخدم في فكرها أيديولوجية تنظيم الإخوان.
ومع اقتراب الاستحقاق الانتخابي لطي تلك الصفحة يسعى التنظيم مرة أخرى لإفساد الانتخابات،
فمن الترهيب والتهديد تارة للإشاعات تارة أخرى وما بين الجانبين يعمل على التشكيك.
أوراق وسيناريوهات يتبعها تنظيم الإخوان قبل أيام من الاستحقاق الانتخابي الليبي المقرر في 24 ديسمبر الجاري،
ففي وقت سابق اليوم الجمعة، أعربت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بليبيا:
عن شديد إدانتها واستنكارها حيال عمليات السطو المسلح على عدد من المراكز الانتخابية بطرابلس الواقعة تحت سيطرة المليشيات.
وطالبت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان، لجنة العقوبات الدولية الخاصة بليبيا في مجلس الأمن الدولي،
بالعمل على إدراج الأطراف والكيانات والأحزاب التي تسعي إلى إعاقة المسار السياسي والتلويح بإثارة العنف، على قوائم العقوبات.
في السياق يقول الباحث السياسي الليبي والمتخصص في إدارة الأزمات د. سالم أخريص:
إن الفترة الماضية شهدت الكثير من المحاولات الإخوانية لعرقلة العملية الانتخابية،
آخرها ما حدث أمس حيث حاصرت مليشيات إخوانية في مدن غربي ليبيا عددا من مراكز الانتخابات وأغلقتها وأجبرت العاملين بها على مغادرتها بقوة السلاح.
تحريض علني
وشهدت الأيام الماضية تحريضات صريحة لتعطيل الاستحقاق الانتخابي في الداخل الليبي،
حيث دعا سهيل الصادق الغرياني نجل مفتي الجماعات الإرهابية في تغريدة على “تويتر”، لمهاجمة المقرات الانتخابية.
كما طالب خالد المشري، رئيس ما يسمى بالمجلس الاستشاري، لرفض الانتخابات الرئاسية والنيابية وإقامة تظاهرات رافضة لإجراء الاستحقاق.
وبحسب تصريحات سابقة أممية ولبعثات دولية في ليبيا:
فإن بعض الجهات تعتزم تعطيل المسار الانتخابي لاستمرارها في المشهد السياسي مثل تنظيم الإخوان وما يعرف بالمجلس الأعلى للدولة.
ومع تلك العراقيل التي يسعى إليها التنظيم، أكد سالم أخريص، خلال حديثه لـ”سكاي نيوز عربية”:
أن التنظيم يكرر في سعيه هذا الانقلاب المسلح الذي نفذه في 2014 فيما سمي بمعركة “فجر ليبيا”،
حين احتشدت ميليشيا الإخوان وميليشيات أخرى لرفض فشل التنظيم في الانتخابات البرلمانية ذلك العام،
بعدما أسقطهم الشعب الليبي الذي رفض انتخاب معظم مرشحيهم.
وتابع الباحث السياسي الليبي والمتخصص في إدارة الأزمات، قائلًا:
“هناك مخاوف كبيرة من تكرر ذلك في ظل تحكم التيار الإخواني في مفاصل الحكومة الحالية وشراء الذمم بالمال السياسي الفاسد بدعم من الميزانية العامة للدولة”، على حد وصفه.
وأكد سالم أخريص:
أن في حالة فشل التيار الإخواني في هدفه فسيحاول إفشال الانتخابات حتى لو اضطر لتكرر تجربة فجر ليبيا من جديد.
أرشيف دموي
منتصف عام 2014، سطر التاريخ الليبي بحسب الخبراء سجلا دمويا جديدا لتنظيم الإخوان وانقلابهم على أي مسار سياسي، فيما عرف في ذلك التوقيت بعملية “فجر ليبيا”.
ففي الثالث عشر من يوليو عام 2014:
بدأت مليشيات الإخوان هجوما واسعا على الجيش الوطني الليبي المتمركز في مطار طرابلس الدولي وكافة معسكراته جنوبي العاصمة،
حيث نتج عن العملية الإرهابية تهجير أكبر قبائل طرابلس وإحراق المطار الدولي بالعاصمة وتدمير عدد من طائرات النقل التابعة للخطوط الأفريقية.
هجوم الإخوان جاء اعتراضا على نتائج انتخاب البرلمان الليبي آنذاك.
وهنا يقول الباحث الليبي عادل العماري:
إن الجماعات الإرهابية لديها البديل الدائم وأن فشلهم سياسيا يعني عودتهم للاحتكام للسلاح, وهذا أسلوبهم المتبع في كافة البلدان التي زرعوا فيها.
وأكد العماري:
أن هناك تخوفات فعلية في الشارع الليبي من تكرار السيناريو الدموي للتنظيم عام 2014،
مشددًا على ضرورة تفكيك المليشيات ونزع سلاحها لأن مستقبل الديمقراطية ومصير الليبيين سيكون في خطر كبير.
والثلاثاء الماضي، قال وزير الداخلية الليبي، خالد مازن، في مؤتمر صحفي مشترك مع وزيرة العدل حليمة عبد الرحمن، من طرابلس:
إن اتساع رقعة الانتهاكات والخروقات سيؤدي للإضرار بالخطة الأمنية وينعكس على سير العملية الانتخابية والالتزام بها في موعدها.
في السياق، أكد سالم أخريص:
أن ورقة العنف التي يلوح بها التنظيم انكشفت أمام الشارع الليبي، فهناك حالة من الوعي تم تكوينها خلال الفترة الماضية نتيجة تحركات وفساد التنظيم.
وقال الباحث السياسي الليبي:
إنه بخلاف الوعي السياسي في الداخل الليبي، فهناك حالة من الزخم والاهتمام الدولي بالوضع في الداخل الليبي،
فالدول الكبرى والمؤثرة في الملف الليبي لن تسمح بتكرار العنف أو الخروج عن المسار السياسي بالأخص في ظل 10 سنوات من الصراع.
ورغم التهديدات الإخوانية ومحاولات العرقلة
لا يزال الشارع الليبي يعلق آماله على نجاح الاستحقاق الانتخابي القادم نهاية الشهر الجاري،
وبناء مؤسسات الدولة وتحسين الحياة المعيشية ودفع عجلة الاستثمار والاقتصاد الذي عانى من التطورات السياسية للأزمة الليبية.
إقرأ أيضاً: