ساهمت جائحة كورونا التي هزت دول العالم خلال العامين الماضيين، بالتأثير بشكل سلبي ومباشر على العديد من القطاعات، والتي من بينها القطاع الصحفي والإعلامي المسؤول عن صناعة المحتوى الإخباري.
وعلى الرغم من أن العالم شهد خلال السنوات الأخيرة وما يزال، ثورة رقمية ضخمة،
لعبت دور البطولة فيها شركات الإنترنت الكبرى،
إلا أن هذه الثورة وصلت إلى حد فرض العديد من دول العالم وخاصة الأوروبية منها،
لضريبة إيرادات على هذه الشركات وعرفت باسم “ضريبة غافا”.
وتشمل هذه الضريبة، رسوما على إيرادات شركات (غوغل، أمازون، فيسبوك، آبل)
وليس على أرباحها التي تحفظ في إحدى الدول التي تفرض ضرائب منخفضة جدا على الأرباح.
العالم العربي لم يغب عن هذا المشهد
حيث قدم اتحاد إذاعات الدول العربية مشروعا لوثيقة تعامل الدول العربية مع الفضاء الرقمي والشركات الكبرى المسيطرة،
خلال العام الماضي، تدعو الدول العربية إلى تبني قرار موحد لتحصل حصتها من المداخيل المتنازع عليها عالميا، دعما لمحتواها الإخباري الرقمي.
وأشار مشروع الوثيقة إلى:
أن الإشكاليات المطروحة تدور حول:
- تقاسم الكعكة
- تقاسم تحصيل الضرائب من الشركات التكنولوجية الكبرى
- تأمين وحماية المعطيات الشخصية الرقمية
- غياب التنافسية القانونية الشفافة والتأثير على الاقتصادات المحلية
- ترويج خطابات الكراهية ذات الصبغة العدوانية المسيئة ونشر الأخبار الزائفة
- الأداء على المبيعات والخدمات
- التواجد الضعيف للمحتوى الرقمي على الشبكة العنكبوتية
- معضلة الأخبار الزائفة وأثرها على المجتمع
واقترح الاتحاد:
إنشاء جهاز أو هيئة بين الدول العربية، يقدم مقترحات حلول لمجابهة وضعية التفرد والاحتكار الاقتصادي والتكنولوجي (MONOPOLE) الذي تجد فيه الشركات التكنولوجية العملاقة نفسها فيها بالعديد من البلدان العربية،
إما بسبب غياب التمويل أو التقدم التكنولوجي لدى المنافسة.
ودعا إلى:
متابعة نشاط هذه الشركات في جمع المعلومات حول الحياة الخاصة بالمواطن العربي،
وتحديد عدد من النقاط الحمراء التي على الشركات عدم تجاوزها عند إنتاج أو توزيع مضمون موجه إلى المشاهد العربي،
والوعي بما قد تقوم به تلك الشركات من تدخل في البلدان المستضيفة.
وبخصوص “الإذاعات العربية”
أكد أنه من الضرورة بمكان إنشاء هيئة مختصة تابعة لجامعة الدول العربية ومنظومة العمل العربي المشترك،
أو تشكيل لجنة تسيير من الخبراء والمنظمات الفاعلة والمعنية بالقوانين والتشريعات الناظمة للإعلام والاقتصاد الرقمي،
للعمل على التفاوض مع الشركات التكنولوجية الكبرى للوصول إلى تفاهمات قانونية ومالية.
يذكر أن فرض ضرائب أو رسوم على عمالقة التكنولوجيا كما حدث في دول مثل فرنسا والولايات المتحدة،
يستوجب إصدار تشريعات قانونية جديدة، وهو ما لم تتخذ أي حكومة عربية بشأنه أي خطوة.
محليا
قدم الأردن مقترحا يدعو للمسارعة في تأطير العلاقة القانونية مع شركات الإعلام الدولية،
وذلك خلال الدورة الـ51 لمجلس وزراء الإعلام العرب التي عقدت في القاهرة حزيران (يونيو) العام الماضي.
وتضمن المقترح الأردني، الدعوة إلى إيجاد آلية لتعويض وسائل الإعلام العربية المنتجة للمحتوى الإخباري عن الربح المالي الفائت، الذي يذهب لشركات ومحركات البحث العملاقة من خلال منصاتها وتطبيقاتها التي تعرض هذا المحتوى، والذي يؤثر سلبا على الاستدامة المالية لوسائل الإعلام الإخبارية العربية، من خلال تنفيذ آلية مدروسة للتفاوض والتعويض المالي بين الشركات العالميّة من جهة، والمؤسسات الإعلامية الإخبارية من جهة أخرى.
من جهته، قال مدير عام شركة العربي للإعلان وخبير التسويق الرقمي، محمد سرور:
إن أي إعلان يتم نشره على منصات شركتي “غوغل” و”فيسبوك”، يتم دفع ضريبة للحكومة بنسبة 10 %،
وهي خاصة باستيراد خدمات خارجية وضريبة مبيعات بنسبة 16 % إضافة إلى ضريبة أخرى بنسبة 1 %.
وأكد سرور:
أن البعض من المعلنين يعمدون إلى شراء بطاقات مسبقة الدفع من البنوك المحلية
لشراء الحق بالإعلان على منصات “غوغل” و”فيسبوك”
بحيث لا يتم دفع قيمة الضرائب أعلاه، وهذه مبالغ لا تستفيد منها الحكومة بشيء.
وأشار إلى:
ضرورة إيجاد قانون من قبل الجهات المعنية في الحكومة أو البنك المركزي،
ينص على اقتطاع نسبة ضريبة من أي شخص يتعامل مع بطاقات إعلانية على منصات الشركات التكنولوجية الكبرى.
وبين أن هذه البطاقات تقوم بتصدير الربح للشركات التكنولوجية الكبرى، دون الاستفادة منها محليا، وأصبحت تؤثر على مؤسسات صناعة المحتوى الإخباري المحلية الخاضعة لضريبة مسبقة نظرا لأن قيمة إعلاناتها أغلى من غيرها في الخارج على منصات التواصل الاجتماعي.
وأوضح سرور، أن شركات “فيسبوك” و”غوغل” تستخدم المحتوى الإخباري العربي المحلي للاستفادة منه في تحقيق أرباح في الخارج.
ولفت إلى أنه على الحكومة إيجاد آلية لتحصيل جزء من أرباح الشركات التكنولوجية الكبرى المستفيدة من مؤسسات صناعة المحتوى الإخباري، مبينا أن حكومات ألمانيا وفرنسا وأستراليا وحتى أميركا قامت بإجراءات مماثلة وحققت إنجازات بهذا الخصوص.
فيما اعتبر عضو مجلس إدارة مركز حماية وحرية الصحفيين، نضال منصور، أن هناك توجها عالميا لدعم وسائل الإعلام المستقلة باعتبارها تضمن حق الجمهور في المعرفة.
ولفت منصور إلى أن هذا الدعم الموجه، باعتبار منصات الإعلام جزءا لا يتجزأ من قضية ضمان المشاركة السياسية وضمان حق الوصول للمعلومات.
وأوضح:
أن المحتوى الذي تبذل المؤسسات الإعلامية عليه جهدا وتدفع عليه مالا، تأخذه شركات مثل “غوغل” و”فيسبوك” و”أمازون” وغيرها، وتستخدمه مجانا وتتقاضى عليه أموالا ضخمة.
وشدد على أن المفاوضات التي أجرتها دولا أوروبية لتعويض مؤسساتها الإعلامية آتت أكلها، إلا أن العائدات التي تتحقق تذهب إلى صندوق مستقل لدعم الإعلام.
وبين منصور، أن المؤسسات الإعلامية المحلية مع هذا التوجه شريطة أن يكون هناك قانون يضمن وجود إدارة شفافة ومعايير معلنة وعادلة تضمن توزيع العائدات على وسائل الإعلام المستقلة بما تساعدها على ديمومتها وتحسين إنتاج محتوى أصيل.
وأكد منصور، أن هناك قوانين وتشريعات وطنية لا تتواءم مع المعايير الدولية لحرية التعبير والإعلام، ولذلك فإنه من الضروري العمل على تعديل جذري على القوانين الوطنية الناظمة لتصبح متماهية مع المعايير الدولية الضامنة للحق في حرية التعبير والإعلام.
وأشار إلى أنه لا يوجد تعريف منضبط لخطاب الكراهية في الأردن والعالم العربي، حيث يتم استخدام مصطلح “الكراهية” كفزاعة للحد من حرية التعبير وحقوق الإنسان.
وتساءل منصور “كيف يمكن أن نؤيد مطالب الحكومة في إلغاء المحتوى أو التعريف عن الصفحات وتقديم معلومات عنها؟”.
واقترحت المملكة، تشكيل لجنة عربية تضم خبراء قانونيين متخصصين، لغايات إجراء دراسة قانونية معمقة لهذين النموذجين، وغيرهما من الممارسات العالمية الأخرى، ومن ثم الشروع في مناقشات ومفاوضات مع هذه الشركات من أجل تطبيق آليات التعويض وحذف المحتوى المخالف، بحيث يتولاها عن الجانب العربي جهة ممثلة للعمل العربي المشترك مثل، اللجنة العربية للإعلام الإلكتروني لإثراء المقترح وتطبيقه، بهدف دعم وسائل الإعلام العربية وحفظ حقوقها، وحماية المجتمعات العربية من الممارسات غير الحميدة التي تؤثر سلبا في سلوكات افردها .
إقرأ أيضاً: