في تلك الأيام انتقل مشروع قانون العمل الجديد بعد موافقه مجلس الشيوخ إلي مجلس النواب للتصديق عليه أو ربما لتعديله ثم التصديق ، بعد سعي الحكومة إلي إصدار هذه التشريعات منذ ٢٠١٧ لوجود إرادة سياسية حقيقية .
مسيرة نضال عمال مصر
لكن الجدير بالاحترام والتعظيم هو كفاح ونضال الحركة العمالة التي ظلت تناضل عشرات السنوات لتنتزع حقوقها الغير مكتسبة بعد أن انطلقت شرارة التنظيمات النقابية عام ١٨٩٨ بتأسيس أول نقابة عمالية “نقابة عمال السجاير” فبرغم إنها لم تكن مصرية خالصه وترأسها اليونانيين نتيجة لطبيعية عصر الاحتلال الذي أغتصب كل الحقوق العمالية، مع ذلك أستكمل العمال مسيرة النضال .
في ١٩١٩ أقر مجلس الوزراء تشكيل لجنه لكي توفق الأوضاع بين العمال وأصحاب العمال بخصوص الأجور وساعات العمل والاجازات ومكافئات نهاية الخدمة، ثم جاء سعد باشا زغلول في ١٥ مارس ١٩٢٤ وأسس الاتحاد العام لنقابات عمال القطر المصري لكي تشرف علي النقابات العمالية المصرية وتوطد العلاقات بينها وبين اتحادات العمال في دول العالم .
- لجنة الدفاع عن حقوق العمال والفلاحين “سن التشريعات”
في عام ١٩٢٥ صرخت العمال صرخة إرادة وخاضوا معركة انتخابية شرسة لاختيار نوابهم وتشكلت لجنة الدفاع عن حقوق العمال والفلاحين لكي تسن التشريعات التي تنظم العمل النقابي ولكي يحصل العمال علي حقوقهم.
مرت الحركة العمالية بعدها بكثير من التغييرات فقد تم إلغاء نقابات “المنشأت” بعد ثورة ٢٣ يوليو وبدأ العمل بالنقابات العامة التي تصنف طبقاً للصناعات والأنشطة الاقتصادية حتي وقتنا هذا فظهرت ٢٣ نقابة يترأسهم أتحاد نقابات عمال مصر.
سنوات مرت من الكفاح والنضال ولم يحصل العمال حتي وقتنا هذا علي حقوقهم المشروعة فلازالوا تحت مقصلة الفصل التعسفي و إستمارة ٦ ومشاكلها التي لا تنتهي وكذلك التلاعب بعقود العمل وغياب حق العامل داخل أروقة المحاكم الغير مختصه والكثر والكثير من المشاكل التي يعاني منها العمال.
إرادة وطن
لا يخفي عليك عزيزي القارئ ان قانون العمل الجديد بما فيه من إيجابيات سعت إلي إصدارة الحكومة منذ ٢٠١٧ لكن ظل القيل والقال كثيراً بأن هناك بعض رؤوس الأموال التي لا ترغب في سن هذه التشريعات هي من عرقلت القانون ولولا وجود إرادة سياسية حقيقية ما كانت تلك الدوامة ستنتهي .
القانون به كثير من الاستحقاقات التشريعية والقانونية الايجابية مع وجود بعد الملاحظات لكني سأبدأ بالامتيازات
– (تحكيم المنازعات القضائية داخل المحاكم العمالية والتي ستسرع في الفصل في المنازعات )
– (يحظر علي صاحب العمل تشغيل العامل سخرة)
– (إقرار حظر كل عمل أو سلوك أو إجراء يكون من شأنه إحداث تمييز أو تفرقة بين الأشخاص في شروط وظروف وواجبات وحقوق العمل والعامل والواجبات الناشئة عن عقد العمل بسبب الدين أو العقيدة أو الجنس أو الأصل أو العرق أو اللون أو اللغة أو الاعاقة أو المستوي الاجتماعي أو الانتماء السياسي أو النقابي أو الجغرافي أو أي سبب أخر يترتب عليه الأخلال بمبادئ المساواة وتكافؤ الفرص )
– (تعتبر اشتراكات التأمين الاجتماعي جزءاً من حقوق العمال التي تستوفي وتؤدي للهيئة المختصة)
– (تم تعديل قيمة العلاوة السنوية بأن لا تقل عن ٧٪ من الأجر الأساسي إلي ٣ ٪ من أجر الاشتراك التأميني) وقد غاب عن الكثير في تلك النقطة أن قيمة الأجر الأساسي لكثير من العمال أقل بكثير من أجر الاشتراك التأميني الذي لا يقل عن الحد الأدني للأجور وبالتي فإن قيمة العلاوة سترتفع وهذا ببساطه شديدة .
أما إذا أردت أن تتأكد من صحة هذا التحليل عليك بالرجوع إلي الدراسة التي قات بها الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي بشأن حساب المقابل الموازي لنسبة ال٧٪ من الأجر الأساسي وما يعادلها من نسبة في أجر الاشتراك المنصوص عليه بقانون التأمينات الاجتماعية والمعاشات رقم ١٨٤ لسنة ٢٠١٩ وقد اتضح بتلك الدراسة بأن متوسط نسبة الأجور الأساسية من أجور أشتراك المؤمن عليه تقدر بنسبة ٤٠٪ من إجمالي أجور الاشتراك وبحساب نسبة ال٧ ٪ من أجور الاشتراك الأساسية تبين أنها تمثل حوالي ٢.٨٪ من أجور اشتراك المؤمن عليهم ومن ثم يتضح أن النسبة التقديرية لزيادة ال٧٪ السنوية للعاملين بالقطاع الخاص تقدر بنسبة ٢.٨٪ من إجمالي أجر اشتراك المؤمن عليه .
– (انشأ مجلس أعلي لتنمية الموارد البشرية برئاسة رئيس مجلس الوزراء ويشمل عضوية كلاً من :
وزراء شئون العمل والتجارة والصناعة وشئون التخطيط والتربية والتعليم و التعليم الفني والتعليم العالي كذلك وزارة الاستثمار والاتصالات والتضامن الاجتماعي وقطاع الاعمال والتنمية المحلية – أربع أعضاء يمثلون منظمات أصحاب الأعمال الأكثر عدداً من حيث العضوية – أربع أعضاء يمثلون الاتحاد النقابي العمالي يرشحهم الاتحاد ) ويتولي المجلس وضع السياسات العامة لتنمية الموارد والمهارات البشرية وسياسات التدريب وتدريب ذوي الاعاقة والأقزام والفئات الأولي بالرعاية ووضع خطط لربط التعليم والتدريب بسوق العمل ، كما يشكل مجلس تنفيذي للهيئة في نطاق كل محافظة .
– (يشترط في المتدرج ألا يقل سنه عن ١٤ عاماً ولا يزيد عن ١٨ عاماً) وهذا يتوافق مع المعايير الدولية والاتفاقيات التي صدقت عليها الدولة من بينها الاتفاقية رقم ١٣٨ الخاصة بالحد الأدني لسن الاستخدام والتي أقرها المؤتمر العام لمنظمة العمل الدولية .
– (تنشأ مجلس أعلي لتخطيط وتشغيل القوي العاملة في الداخل والخارج بدلاً من لجنة عليا )
– (انشأ صندوق لحماية وتشغيل العمالة غير المنتظمة )
– (توزيع اختصاصات متابعة تنفيذ الاتفاقيات الدولية والتعاقدات المتعلقة بالعمالة المصرية في الخارج وبحث تسويه المنازعات علي الوزارات المختصة بدلاً من ألقاء المسؤلية علي وزارة الخارجية والتي يقع علي عاتقها الكثير من المسؤوليات)
– (لا يحق للوزير المختص بتحديد الأعمال الضارة بالنساء صحياً وأخلاقياً إلا بعد أخذ رأي كل من المجلس القومي للمرأة والمجلس القومي للطفولة والأمومة )
– (تخفيض ساعات العمل اليومية للمرأة الحامل ساعه علي الأقل اعتباراً من الشهر السادس للحمل ولا يجوز تشغيلها ساعات عمل إضافية طوال مدة الحمل وحتي نهاية ٦ اشهر من تاريخ الوضع )
– (يحق للعاملة أن تنهي عقد العمل بسبب الزواج أو الحمل علي أن تخطر صاحب العمل وذلك خلال ٣ أشهر من إبرام عقد الزواج أو إثبات الحمل)
– أما عن عقد العمل (يعتبر عقد العمل غير محدد المدة بعد مرور ٤ سنوات – كما ان إذا لم يكن هناك عقد مكتوب يحق للعامل إثبات علاقة العمل وجميع الحقوق المترتبة عليها بكافة طرق الأثبات – إذا كان عقد العمل غير محدد المدة جاز لأي من الطرفين إنهاءه بشرط أن يخطر الطرف الاخر كتابة قبل الإنهاء بثلاثة أشهر)
– (إقرار استحقاق الاجازات السنوية بأجر كالاتي : ١٥ يوماً في السنة الأولي – ٢١ يوماً اعتباراً من السنه الثانية – ٣٠يوماً لمن أمضي عشر سنوات كاملة لدي صاحب عمل أو أكثر – ٤٥ لمن تجاوز سنه الخمسين عاماً ولذوي الإعاقة )
– (للعامل الحق في الحصول علي أجازه بأجر عن أيام الامتحانات الفعلية ولا تحسب من رصيد الاجازات علي ان تكون طبيعة الدراسة مرتبطة بطبيعة عمله بالمنشأه)
– (للجهة الطبية المختصة أو لطبيب الهيئة العامة للتأمين الصحي منع العامل المخالط لمريض بمرض معد من أحد أفراد أسرته من مزاولة عمله المدة المناسبة ولا تحسب هذه المدة من إجازة العامل كما يلتزم صاحب العمل بصرف أجره عنها وتحدد هذه الأمراض بقرار من وزير الصحة)
– (يلتزم العامل بالخضوع للاختبارات الطبية عن تعاطي المواد المخدرة أو المسكرة أو الأمراض المعدية علي أن تكون خلال في مدة لا تقل عن ٦ أشهر علي نفقة صاحب العمل ويلتزم صاحب العمل بإتباع السرية في إجراء الكشف وعدم الافصاح عن الوضع الصحي للعامل)
– (يحال أي نزاع قائم بين صاحب العمل والعامل الي المحكمة العمالية المختصة بناء علي طلب أي طرف من طرفيه وتم تحديد موعد جلسه لنظر النزاع في مدة لا تتجاوز ٢٠يوماً – أما إذا كان موضوع النزاع متعلق بفصل العامل وجب علي المحكمة أن تفصل في هذا الطلب بصفة مستعجلة خلال ٣ أشهر من تاريخ أو جلسة وإذا رأت المحكمة صحة موقف العامل ألزمت صاحب العمل أن يؤدي إلي العامل ما يعادل أجرة من تاريخ الفصل وبحد أقصي ٦ أشهر ويكون القرار نهائي .
– (للعامل الحق في تقديم استقالته كتابيه لصاحب العمل ولا تنتهي خدمة العامل إلا بالقرار الصادر بقبول الاستقالة وعلي العامل ان يستمر في العمل إلي أن تبت جهة عمله في الاستقالة خلال ١٠ أيام وألا اعتبرت مقبولة وللعامل الحق في الرجوع عن الاستقالة خلال أسبوع ولابد من أن تكون مكتوبة ومعتمدة من الجهة الادارية وفي هذه الحالة تعتبر الاستقالة كأن لم تكن)
– (تنشأ بدائرة اختصاص كل محكمة ابتدائية محكمة تسمي المحكمة العمالية ، كما تنشأ في دائرة كل محكمة من محاكم الاستئناف دوائر استئنافية متخصصة لنظر الطعون التي ترفع إليها في الأحكام الصادرة من المحكمة العمالية)
– (تختص المحكمة العمالية دون غيرها بنظر كافة النزاعات الناشئة التي تخص العامل وكذلك المنظمات النقابية العمالية )
– (ينشأ بالوزارة المختصة مجلس أعلي للحوار الاجتماعي تهدف الي رسم السياسات القومية للحوار بين الشركاء الاجتماعيين وخلق بيئة محفزة علي التشاور والتعاون وتبادل المعلومات – إعداد دراسات وتوصيات في المجالات الاقتصادية والاجتماعية–إبداء الرأي في مشروعات القوانين ذات الصلة – إبداء الرأي في اتفاقيات العمل الدولية والعربية قبل التوقيع عليها ) تشكل في نطاق كل محافظة مجالس فرعية يرأسها كل محافظ .
– ( إلغاء إستمارة ٦ التي أضرت وانتهكت حق العمال )
وجهه نظر
أتمني إعادة نظر مجلس النواب في المادة ١٤٢ من المشروع القانون التي تنص علي “إذا أنهي صاحب العمل العقد غير محدد المدة لسبب غير مشروع ، كان للعامل الحق في تعويض ما أصابه من ضرر بسبب هذا الإنهاء بمقدار أجر شهرين عن كل سنة من سنوات الخدمة ولا يخل ذلك بحق العامل في المطالبة بباقي حقوقه المقررة قانوناً “لأن هذه المادة تتيح الفصل التعسفي بمقابل تعويض غير مجزي للعامل .
كما علينا إعادة النظر في أن يسري القانون بأثر رجعي علي القضايا القائمة بالفعل في المحاكم لان كثير من العمال ينتظرون حقوقهم في المحاكم ولم تبت فيها فمن حقهم أن يستفيدوا بهذا القانون.
وعلي مجلس النواب سرعه النظر والدراسة والتصديق دون نزع أي حق قد أقره مشروع القانون الذي يحقق التوازن بين صاحب العمل والعامل أطراف العملية الإنتاجية وعلي ممثلين الحركة العمالية المصرية التعامل مع المشروع من مبدأ التفاوض للحصول علي أكبر قدر من المكاسب بعيداً عن الشعارات العنترية.