أكد البيان الختامي لمؤتمر حقوق الإنسان عالم ما بعد الجائحة الذي نظمه المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية اليوم الخميس أن اليوم العالمي لحقوق الإنسان في 10 ديسمبر 2020 جاء تحت شعار (إعادة البناء بشكل أفضل – قوموا ودافعوا عن حقوق الإنسان)، ليؤكد من جديد على أهمية النظرة الشمولية لحقوق الإنسان، وكذا أهمية النهج المتعدد الأبعاد للتعاطي مع هذا الملف الجوهري. وفي هذا السياق، تجدر الإشارة إلى أن جائحة كورونا (كوفيد-19) كشفت بشكل عملي وواقعي عن عمق الخلل والاختلال الذي تعانيه حقوق الإنسان قطريًا وعالميًا، مما ساهم في تعميق التداعيات السلبية للجائحة.
وذكر البيان أن جائحة كورونا ضربت كل الدول، وأصابت المجتمعات كافة في صميمها، وهددتها على كافة المستويات الصحية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية؛ كما عملت على تغذية الفقر وتعميق عدم المساواة والتمييز والاستبعاد، وفاقمت كذلك من التحديات المتجذرة منذ عقود، مثل العنف والصراعات، والبطالة، وضعف شبكات الأمان الاجتماعي وغيرها. وعلى الجانب الآخر، ولدت الجائحة تساؤلات إشكالية بشأن الموازنة في كافة الأمور المرتبطة بحقوق الإنسان، في مقدمتها حياة المواطنين في مقابل الاقتصاد، والديمقراطية في مقابل السلطوية، والخصوصية في مقابل الرقابة، وأخيرًا ارتباط شرعية النظم بمدى قدرتها على مواجهة الجائحة.
ومن جانب آخر، يبدو أن العالم سيدخل مرحلة “التعافي” وهو منهك وأقل ثروة وأكثر توترًا، مما يستدعي ترتيبات عالمية جديدة، خاصة وأن الترتيبات القائمة التي نشأت بعد الحرب العالمية الثانية لا تبدو جاهزة للتعامل مع مشكلات ومعضلات عالمية جديدة، كما جرى مع منظمة الصحة العالمية، فضلًا عن ما بدا كتراجع في الدور الأممي تجاه المشكلات العالمية المعاصرة. وارتباطًا بذلك، يمكن القول أن العالم يواجه وضعًا لم يواجهه منذ وقت طويل ولا حتى وقت انتشار الإنفلوانزا الإسبانية التي أودت بحياة ما يقرب من 50 مليون شخص؛ ويأتي ملمح الاختلاف الرئيس في أنه حينما انتشرت الإنفلوانزا الإسبانية لم يكن هناك تنظيم دولي ولا بنية دولية لحقوق الإنسان؛ وبعبارة أخرى، فإن العالم الآن أمام لحظة تاريخية فارقة.
لذا، ركزت الرسالة الأساسية لليوم العالمي لحقوق الإنسان على إعادة البناء بشكلٍ أفضل لعالم ما بعد كورونا من خلال ضمان أن تكون حقوق الإنسان أساسية في جهود التعافي، مع الإيمان بعدم القدرة على تحقيق الأهداف العالمية المشتركة دون توفير فرص متكافئة للجميع، والتصدي لأوجه عدم المساواة والإقصاء والتمييز المتجذرة والمنهجية. بعبارة أوضح، تشدد رسالة اليوم العالمي لحقوق الإنسان على إعادة التأكيد على أهمية حقوق الإنسان في إعادة بناء العالم الذي نريده، والحاجة إلى التضامن العالمي، وكذا ترابطنا وإنسانيتنا المشتركة كبشر.
واتفق المشاركون على ان الجائحة عن أهمية وضع آليات لتحقيق “الإنذار المبكر”، إذ أن منظمة الصحة العالمية لم تشخص كورونا كوباء عالمي إلا في 11 مارس، أي بعد ما يقرب من 4 شهور على ظهوره. ضاع وقت طويل كان يمكنه المساهمة في إنقاذ بشر، وتعجيل لحظة الخلاص من وباء.
كما دفعت الجائحة في اتجاه ضرورة توسيع صلاحيات منظمة الصحة العالمية بطريقة شبيهة بمجلس الأمن المخول بحفظ السلم والأمن الدوليين، انطلاقًا من دورها في حماية الصحة الإنسانية ومن ثم توسيع دورها في دق أجراس الخطر، وتحفيز الدول علي التعاون، ونقل التجارب بأمانة، وتشجيع المجتمع الطبي والعلمي العالمي علي المواجهة.
وكذلك التأكيد على ضرورة مواجهة كافة أشكال عدم المساواة المرتبطة بالحق في الصحة، وفي مقدمتها عدالة الحصول على المصل وأنواع العلاج المختلفة.
و ضرورة توفير كل أشكال الدعم والحماية للنساء ضد التهديدات الصحية وغير الصحية.
بجانب ضرورة وضع برامج حماية ورعاية إضافية للأطفال في المناطق الفقيرة والمهمشة تضمن لهم النمو في بيئة مناسبة.
مراعاة توفير دعم إضافي للاجئين والمهاجرين خلال الأزمات، لا سيما الصحية منها.
فرضت الجائحة ضرورة النظر في تبني نظم تعليمية أكثر مرونة وشمولية وديناميكية بطريقة تجعلها عملية مستمرة تحميها من الانقطاع وقت الأزمات.
و التأكيد على الحق في التحول الرقمي وضرورة سد الفجوات المعرفية.
ودعا المشاركين الى حشد الموارد قطريًا وعالميًا لتحفيز جهود التنمية المستدامة التي تراعي حقوق الأجيال الحالية المستقبلية وكذا مراعاة الأبعاد البيئية.
و البحث في فكرة النظر في وضع عقد اجتماعي جديد ثلاثي الأطراف بين الدولة والمواطنين والمجتمع المدني فيما يخص مواجهة الحالات الاستثنائية والطارئة لمواجهة الوباء.
و التأكيد على دور القوة الناعمة كأداة لمجابهة الأزمات والسلبيات التي تواجه المجتمعات، ومنها الأزمات الصحية.
و التشديد على أهمية دور المجتمع المدني في تعزيز ملف حقوق الإنسان بوصفه مسألة تشاركية متعددة الأبعاد، وكذا بلورة أهمية المجتمع المدني كأحد أهم أعمدة بناء عالم أفضل ما بعد كورونا.
كما اعلن فى المركز المصري عن خط عمل قادمة حيث اشار الى :
انطلاقًا من إشارة بعض الحاضرين إلى مسائل بعينها كملفي الحبس الاحتياطي وحبس بعض الأشخاص، يوصي المركز الجهات المعنية التشريعية والقضائية بإعادة النظر في المدد الخاصة بالحبس الاحتياطي والعمل على إيجاد آليات لتفادي طول هذه المدة، بجانب الدعوة إلى إن تنشيط لجنة العفو الرئاسي التي أنشئت بناءً عن مقترح شبابي قُدم خلال أول مؤتمر وطني للشباب 2016.
التشجيع على توسيع المجال السياسي عبر تشجيع الشباب على الإنضمام للأحزاب، وممارسة العمل السياسي الحزبي لإثقال قدراتهم السياسية بطريقة تمكنهم تولي المناصب القيادية.
إطلاق المركز لبرنامج بحثي بشأن كل الملفات المتعلقة بحقوق الإنسان محليًا وعالميًا.
دعوة مؤسسات المجتمع المدني المصرية لتدشين شراكة دائمة مع المركز بطريقة تعزز حالة الزخم المرتبطة بحقوق الإنسان.
بجانب دعوة كافة المكاتب الاقليمية للمنظمات الدولية في مصر لوضع إطار تعاوني أكثر شمولًا وديناميكية بطريقة توفر قناة دائمة للإتصال والتعاون والعمل المشترك.
تأكيد المركز المصري على نيته لتحويل المؤتمر الحالي إلى مؤتمر دوري سنوي يشارك فيه كل الجهات الشريكة للمركز في الداخل والخارج من أجل تعزيز ملف حقوق الإنسان وتعميق أدوات التعامل معه.
واكد الدكتور خالد عكاشة مدير عام المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية ان مفهوم حقوق الإنسان يمتد بأصوله وجذوره الفكرية والفلسفية في أعماق التاريخ الإنساني، شهد خلاله جدليات وأطروحات سارت في اتجاه ترسيخ لمفهوم حقيقي يستجيب لكافة التحديات التي يواجهها البشر، ويدشن لأساس يمتثل إليه في إنسانيته وكرامته، مشيرا إلى أن أحداثا وقعت مثلت نقاطًا للتحول التاريخي والفكري للإنسان دفعته إلى التأمل في وضعه الراهن وما توصل إليه، والبحث عن موارد يحشدها للسعي إلى تحقيق أهدافه المنشودة.
وذكر عكاشة أن إحدى المحطات الرئيسة في هذا المسار التاريخي كانت في منتصف القرن العشرين هي الإعلان العالمي لحقوق الإنسان عام 1948، والذي جاء كاستجابة عالمية متراكمة لإرث فكري، اتخذت من الإنسانية وصيانتها محكمًا لها في مجابهة الأيديولوجيات العنصرية والمتطرفة بعد اندلاع حرب عالمية كان الخاسر الأكبر جراء اشتعالها هو الإنسان.
وقال إنه إبان عهود الاستقلال في ستينات القرن الماضي، مثلت التنمية الاقتصادية والاجتماعية مثار الجدل الأساسي للدول حديثة الاستقلال، ليأتي الإعلان عن العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية كاستجابة إنسانية أخرى في مسار التحديات التاريخية التي يجابهها الإنسان.
ولفت إلى أن منظومة الحقوق شهدت تطورًا وفهمًا أكثر عمقًا يجسد تراكم المعرفة البشرية من ناحية، ويستجيب لأجيال جديدة من التحديات من ناحية أخرى. فهناك دائمًا حقوق يتم العمل على تحقيقها وتعزيزها في المنظومات العاملة بالدول والمجتمعات، وهناك إنسان يمثل غاية أساسية لتلك المنظومات.
وأكد أن البشرية تشهد حاليا تحديا غير مسبوق من حيث اتساع نطاق انتشار لوباء مجهري مثّل خطرًا محدقًا على الإنسان وحقوقه من ناحية، وأتاح لنا جميعًا فرصة اكتشاف أن لدينا مصيرًا مشتركًا يجمعنا مهما تفاوتت الظروف أو اتسعت الهوة بين الدول من ناحية أخرى. فالتأثير الأبرز لجائحة كورونا استند إلى إعادة النظر والمراجعة الشاملة لجميع نواحي الحياة الإنسانية، والوقوف على عظات العلاقة بين التاريخ والأوبئة، والقفز بالإنسان ليصبح هدفًا في حد ذاته، تتضافر من أجله الجهود، وتُضمن له حقوق إنسانية تصون له الكرامة والعيش الكريم.
وأوضح أنه في لحظة التأمل الإنساني لما توصل إليه العالم من معرفة متطورة تدفع به إلى طريق التعافي الصحي على غير شاكلة ما طرأ في العهود السابقة وحتى بدايات القرن العشرين، هناك لحظة أخرى موازية يتعرض فيها الجنس البشري لصراعات عالمية وتنافسات استراتيجية وصعود لإيديولوجيات شوفينية معادية لأفكار المساواة وتتسم بالأنانية والتعصب، وهي تحديات تعمل بدورها على زيادة حرج اللحظة الراهنة وتضع تحديات أمام المؤسسات الدولية وتزيد من مساحة التأزم والتي وصلت إلى دول ومجتمعات لم نكن نتوقع أن تصل بها الأمور إلى هذا الوضع.
وقال إن ما شاهدناه من صور ومقاطع مصورة وتقارير عالمية مثل صدمة لم تكن مجالًا للخيال في ظل عصر العلم والتكنولوجيا والسعي البشري للتحكم في جميع مجريات الأمور، وأعاد التفكير في تطبيق حقوق الإنسان على الصعيد العالمي ومخاطبة قضايا اقتصادية واجتماعية وسياسية لم تظهر على السطح إلا بمجيء حدث جلل مثّل اختبارًا حقيقيًا لتطبيق منظومة حقوق الإنسان.
واعتبر أن الاستجابة الإنسانية إزاء تلك اللحظة الحرجة جاءت في ربط يوم حقوق الإنسان العالمي في العاشر من ديسمبر لعام 2020 بجائحة كوفيد-19، والتركيز على الحاجة إلى إعادة البناء بشكلٍ أفضل من خلال ضمان أن تكون حقوق الإنسان أساسيةً في جهود التعافي، والعمل على معالجة التأثير المتبادل ما بين جائحة قضت على حقوق رئيسة للإنسان وانتشرت في مجتمعات اللامساواة والتمييز من ناحية، وبين الفئات الأكثر تضررًا وتهميشًا والتي سرعت من تفاقم المرض وتسببت في انتشاره بوتيرة غير مسبوقة من ناحية أخرى.
وأشار إلى أن الأجندة العالمية لحقوق الإنسان 2020 تناولت أربع قضايا رئيسة، أخذت الإنسان وحقوقه مرتكزًا لها لبناء عالم أفضل ما بعد الجائحة. القضية الأولى هي مناهضة التمييز والعنصرية التي طالما ضربت المجتمعات جراء انتشار الأوبئة على مدار التاريخ، أما القضية الثانية فهي التصدي لغياب المساواة وما خلفته الجائجة من آثار تدميرية على الفئات والمجتمعات المهمشة، والجدل حول إمكانية تدشين عقد اجتماعي جديد يجمع العلاقة بين جميع مكونات المجتمع بشكل يتحقق فيه مزيد من المساواة، وثالثًا تشجيع المشاركة والتضامن كحجر أساس لعالم ما بعد الجائحة وتأكيد الدور المحوري للمجتمع المدني والجمعيات الأهلية الناتج عن تواصلهم المباشر مع المجتمع وأفراده وتحقيق المستهدفات الرئيسية لبناء عالم ما بعد كورونا، وأخيرًا قضية التنمية المستدامة والتي تقع حقوق الإنسان في صميم فلسفتها وعملها.
وشدد على أن المركز المصري اتخذ من أجندة الأمم المتحدة إطارًا عامًا لمناقشتها اليوم في مؤتمر يقوم المركز على تنظيمه وإدارة الحوار حولها. فنحن في المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية في حالة حوار دائم مع مختلف قوى المجتمع المدني والقوى السياسية ومؤسسات الدولة من أجل تحقيق تقدم وتحسن تدريجي في قضايا حقوق الإنسان بمعناها الشامل.
ثم ألقت الدكتورة هالة السعيد وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية قالت فيها ينبغي علينا أن نقر بصعوبة ما يشهده العالم حاليا من أزمة متفاقمة ولا زالت تتفاقم حيث ضربت الأزمة الاقتصاد العالمي وتجاوزت في حدتها كافة الازمات السابقة التي شهدها العالم نتيجة لتعليق الأنشطة الاقتصادية في كل العالم تقريبًا.
وأضافت أن حقوق الإنسان تعد العامل الأساسي الذي ينبغي أن يبنى عليه التعامل مع أي جائحة مع ضرورة التعاون الجاد والفعال من كافة دول العالم من خلال نهج تشاركي دولي لبناء إطار تعاوني فيما بعد الجائحة عن طريق تحسين أوضاع الأجيال الحالية وحفظ حقوق الأجيال القادمة
وذكرت أنه بحسب تقرير الأمم المتحدة حول الجائحة فإن هناك فجوة قدرها 1تريليون دولار بين ما وفرته الدول المتقدمة للتعافي من الجائحة وما وفرته الدول النامية.
وأشارت إلى أنه مع نقص في التمويل المتوفر لتحقيق التنمية المستدامة خلال الجائحة بمقدار 1.7 تريليون دولار وهو ما انعكس على انخفاض مؤشر التنمية لأول مرة منذ عام 1990 .كما تأثرت العملية التعليمية وتأثر حوالي 1.25 مليار طالب بإغلاق المدارس، كما تأثر 86 % من طلاب المدارس الابتدائية في الدول النامية بإغلاق المدارس مع تقديرات منظمة العمل الدولية حول أن 1 من كل 6 فقدوا وظائفهم في الدول النامية.
واوضحت أنه وفي إطار جهود الدولة المصرية للحفاظ على حقوق الإنسان ينبغي أن نعتز بتبني الدولة لأجندة طموحة تتضمن استراتيجية مصر 2030، حيث أن مصر تعتز بكونها من أوائل دول العالم التي اتبعت الأهداف الأممية كما أن أن الدولة نظمت العديد من الإصلاحات من خلال ضبط السياسات النقدية وضبط قطاع الطاقة وتحرير سعر الصرف والاستثمار في البنية التحتية وإعادة ثقة المستثمرين وكسب ثقة القطاع الخاص لأنه شريك أساسي.
ولفتت كذلك إلى تحسين جودة الحياة والارتقاء بالخدمات لبناء الإنسان المصري لأنه الفاعل الرئيسي في تحقيق التنمية من خلال تكثيف الاستثمارات العامة في السنوات الأخيرة بحوالي 175 مليار دولار كما تم إعطاء أولوية قصوى للاستثمار ف الصحة والتعليم حيث بلغت الاستثمارات فيها 15 مليار دولار
وقالت إنه تم إطلاق العديد من المبادرات التنموية مثل حياة كريمة وقوارب النجاة وكذلك مباردة 100 مليون صحة والتي تعد من أكبر المبادرات في مصر والعالم وحظيت بإشادات عالمية. كما تم خفض كثافة الفصول وربط التعليم الفني بسوق العمل والتوسع في الجامعات الأهلية وتطوير البنية الأساسية في النقل ومياه الشرب والصرف الصحي وقطاع الكهرباء .
ثم ألقت الدكتورة وزيرة التعاون الدولي رانيا المشاط كلمتها التي قالت فيها إنه لمن دواعي سروري أن أنضم إليكم اليوم في هذا الحدث الهام، والأول من نوعه، الذي يضم العديد من الأطراف ذات الصلة والجهات الفاعلة؛ لمناقشة موضوعات في غاية الأهمية لأمتنا وشعبنا، باعتبارنا من صناع القرار وجزء من مجتمع واحد.
واوضحت أن عام ٢٠٢٠ كان استثنائيا بكل المقاييس، حيث واجه العالم تحديات غير مسبوقة جراء جائحة كورونا، تخطت الحدود الجغرافية، وكان لها آثار سلبية جسيمة ليس فقط على النواحي الصحية، بل أيضاً الاقتصادية، والمالية، والاجتماعية، لم ينجُ منها أي من الدول، مهما كان مدى النمو أو التقدم الاقتصادي المحقق.
وذكرت أنه نتيجة لذلك، فقد أبرز هذا العام أهمية التكاتف الدولي، والتعاون متعدد الأطراف لتصحيح المسار، والعمل بابتكار، وتوجيه طاقاتنا نحو التكامل والبناء، كما كانت الجائحة حافزا دافعاً نحو توجه الدول لتسريع وتيرة الاصلاحات، لاسيما في مجال التحول الرقمي، وتعزيز برامج الحماية الاجتماعية، والأمن الغذائي، والرعاية الصحية، وضم العمالة غير الرسمية للقطاع الرسمي، واتخاذ خطوات فعالة نحو تحقيق تكافؤ الفرص وخاصة من خلال تمكين المرأة وخلق فرص العمل للشباب، ودعم الفئات المهمشة.
واستشهدت بكلمة السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي- رئيس الجمهورية أمام الدورة ٧٥ للجمعية العامة للأمم المتحدة، والتي أكدت على أهمية التعاون متعدد الأطراف في تحقيق التنمية على المستويين الدولي، والمحلي:
وقالت وإذا كان (الأمل يولد من الألم) فلعلنا نجد في الأزمة الراهنة ما يدفعنا لبث روح جديدة في جهودنا الحثيثة لتفعيل العمل الدولي متعدد الأطراف ودور الأمم المتحدة كقاطرة له”، وإن “الأرض تسع الجميع طالما كان نبذ الصراعات، وصنع وبناء السلام، والتعاون الدولي هي الأسس الحاكمة للعلاقات بين الدول والشعوب من أجل تحقيق التنمية والأمن والاستقرار والرفاهية للأجيال الحالية والقادمة على حد سواء.”
ورأت أنه واتساقاً مع هذا النسق، فقد سعينا خلال العام الماضي، في وزارة التعاون الدولي على أن نستخدم مصطلحات جديدة تقودنا نحو تحقيق بصمة واضحة في هذا الوقت الاستثنائي؛ فلا يرتبط مصطلح “الدبلوماسية” عادة بالاقتصاد؛ لكن الوقت الحالي يفرض علينا إعادة النظر في هذا الأمر، فمع الحاجة الماسة لترك بصمة واضحة في حياة البشر، وتحقيق الأهداف الأممية للتنمية المستدامة من الأمن الغذائي مرورًا بمكافحة تغير المناخ، كان لزامًا أن نرسخ مفهومًا جديدًا يشرح رؤيتنا في وزارة التعاون الدولي، وهو “الدبلوماسية الاقتصادية” لدفع التعاون متعدد الأطراف، وذلك على ثلاثة محاور رئيسية:
أولا : منصة التعاون التنسيقي المشترك مع شركاء التنمية متعددي الأطراف، لضمان تحقيق التكامل بين برامج التعاون الاقتصادي والمساعدات الإنمائية الرسمية،
ثانيا: سرد المشاركات الدولية لتسليط الضوء على قصص النجاح المحققة في إطار التعاون الاقتصادي، ودفع الرؤية المشتركة إلى الأمام، مع وضع الاستثمار في المواطن المصري كأولوية أولى إدراكا بأن رأس المال البشري هو محور عملية التنمية الشاملة في البلاد.
ثالثاً: مطابقة التمويل التنموي مع الأهداف الأممية للتنمية المستدامة لضمان التقدم نحو تحقيق الرؤية الوطنية ٢٠٣٠ وتحقيق النفع للمواطنين.
فمن خلال الدبلوماسية الاقتصادية والشراكات الدولية، تمكنا من اتخاذ خطوات فعالة نحو سد الفجوة التمويلية لتحقيق التنمية في مختلف القطاعات، من خلال إبرام اتفاقيات تمويل تنموي بقيمة ٩.٨ مليار دولار خلال ٢٠٢٠، منها ٦.٧ مليار دولار لقطاعات الدولة المختلف، ٣.٢ مليار دولار للقطاع الخاص. من خلال هذه الاتفاقيات التمويلية التنموية نسعى لدفع الإصلاحات الاقتصادية والهيكلية إلى الأمام، وتعزيز نمو شامل ومستدام يقوده القطاع الخاص، ويتوافق مع الثلاث عوامل: المواطن محور الاهتمام، المشروعات الجارية، والهدف هو القوة الدافعة .
وفي طريقنا نحو دعم الجهود التنموية ندرك أنه لا توجد حلول سحرية، لكن كل ما يمكننا القيام به التأكد من أن ما نقوم به من عمل يخدم بالفعل الأهداف الموضوعة بدقة وعناية؛ وهذا ما نسعى للقيام به في وزارة التعاون الدولي من خلال محفظة مشروعات تضم ٣٧٧ مشروعًا بتمويل قدره ٢٥ مليار دولار، في مختلف قطاعات الدولة، ومع كافة شركاء التنمية الثنائيين ومتعددي الأطراف، أذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر، شركاءنا من الدول العربية الاشقاء، والصناديق العربية، والدول الأوروبية، والمفوضية الأوروبية، وبنك الاستثمار الأوروبي، والبنك الأوروبي لإعادة العمار والتنمية، والولايات المتحدة الأمريكية، والدول الآسيوية، والبنك الدولي، وصندوق النقد الدولي، والبنك الأفريقي للتنمية.
وتخدم هذه التمويلات احتياجات المواطن المصري، من خلال محاربة الفقر وتحقيق العدالة الاجتماعية وتنمية القرى الأكثر احتياجاً، والتغلب على التحديات الاقتصادية، وتطوير البنية الأساسية، والمرافق، ووسائل النقل، فضلاً عن خلق منظومة حديثة ومتطورة للرعاية الصحية والتعليم، والتمكين الاقتصادي للمرأة، وخلق فرص العمل، وتعزيز الأفكار المبتكرة لتكوين أجيال جديدة من المتفوقين والمبدعين، وأصحاب المواهب.
ثم ألقى السفير علاء رشدي، مساعد وزير الخارجية للشؤون متعددة الأطراف والأمن الدولي والقائم بأعمال رئيس الأمانة الفنية للجنة العليا الدائمة لحقوق الإنسان. كلمة أكد فيها ان المجتمع المدني بما في ذلك مراكز الفكر والدراسات يعد شريكًا أساسيًا في جهود التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتعزيز حماية حقوق الإنسان.
ووصف إنشاء اللجنة العليا الدائمة لحقوق الإنسان بأنها تمثل نقلة نوعية في رؤية مصر لكيفية التعامل مع ملفات حقوق الإنسان…مشيرا إلى أن نقطة انطلاق مصر اتصالًا بملف حقوق الإنسان كانت ولا تزال وازعًا داخليًا ورؤية وطنية خالصة.
وذكر ان اللجنة العليا إعداد ومتابعة تنفيذ نهج متكامل لتعزيز احترام وحماية كافة الحقوق والحريات المدنية في الدستور والتشريعات الوطنية والاتفاقيات الدولية المنضمة إليها مصر.
تختص اللجنة بإعداد الإستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان والتقارير الوطنية الدورية المقدمة إلى الآليات الدولية والإقليمية وإعداد تقارير دورية وإعداد الردود الرسمية على المراسلات الواردة من الآليات الدولية والإقليمية.وذكر أن اللجنة حرصت على اتباع نهج تشاوري خلال الإعداد للاستراتيجية فيما بين الوزارات والجهات المعنية ومن خلال حوار مجتمعي واسع.
وأكد أن اللجنة حرصت على دراسة مختلف التوصيات التي تلقتها مصر من الآليات الإقليمية والدولية ومن المجلس القومي لحقوق الإنسان.كما تحرص اللجنة على بذل المزيد من الجهد لتعزيز التواصل والتنسيق والتشاور مع كافة مكونات البنية المؤسسية لحقوق الإنسان وتعزيز الشراكات مع المجتمع المدني.
وأكد أن عملية تعزيز احترام حقوق الانسان هي عملية تراكمية تحرص خلالها مصر على الاستفادة من الخبرات الدولية وأفضل الممارسات في هذا الشان.
وأكد ياسر عبد العزيز، عضو وممثل المجلس القومي لحقوق الإنسان أنه في الواقع الحق في الصحة هو حق جوهري واصيل من حقوق الانسان منذ بدا التوافق الاممي على وجود شرعة دولية لحقوق الانسان. يظهر هذا واضحا جدا في الوثيقة الحقوقية العالمية الأولى ، الإعلان العالمي لحقوق الانسان المادة 25 حيث يشار بوضوح الى حق الانسان في التمتع بالصحة وأيضا في العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية حيث يشير هذا العهد في مادته 12 الى أيضا حق الانسان في التمتع بالصحة
لكن كيف تعاملت الشرعة الدولية الحقوقية مع هذا الحق ؟
الحق في الصحة، تعاملت معه باعتبار ان الدولة ملتزمة ويقع على عاتقها ان توفر لمواطنيها كل أساليب وأسباب التمتع بأقصى حد يمكن بلوغه من الصحة وهذا ما استقرت علية الشرعة الدولة في مجال حقوق الانسان فيما يتعلق بمسالة حق الصحة لكن هذا الامر ربما تسبب في اثارة مسالة جدل ما حولة.
لان اقصي حد يمكن بلوغه كما ترون جميعا ليس مُشخصا او مُعينا بدقة.
المسالة الثانية ماذا لو أخفقت الدولة لأسباب تنموية اقتصادية في الوفاء بالأسباب اللازمة لإيجاد او الوصول الى هذا الحل ومن هنا كانت هذه المعضلة .
فالبعض اكد انه حصل تطور في مسار المعالجة الحقوقية لمسالة الحق في الصحة بدا هذا المسار ينظر الى فكرة بناء العالم الموجودة في هذا العنوان من زاوية ان المجتمع الدولي له مسؤولية كبيرة في اعانة ومساعدة الدول التي لا تنهض قدرتها الأساسية بتوفير الحد اللازم من الرعاية الصحية لمواطنيها وهذا الامر يتصعد بشدة عندما يتعلق الامر بجائحة عالمية من هنا اتضح ان هناك مسؤوليتين رئيسيتين:
المسؤولية الأولى تقع على عاتق الدولة نفسها من حيث ضرورة ان تقوم بتوفير كافة المرافق والموارد اللازمة لبلوغ المستوى المأمول من الرعاية الصحية لمواطنيها ومسؤولية أخرى تقع على عاتق النظام الدولي او المجتمع الدولي الذي يجب ان يظهر درجة من التكافل في مواجهة هذه الجائحة.
فيما يتعلق بالدولة المصرية ومواجهة جائحة كورونا نحن نعرف ان الأرقام حينما توضع في سياق مقارن يبدو ان وضع الدولة المصرية اقل بثير من حجم التحدي واقل بكثير من دول أخرى كنا نعرف انها متقدمة عنا كثيرا في مجال الرعاية الصحية
لكن أيضا ظهرت بعض الأشياء التي يمكن ان تكشف عن هشاشة ما في البنية الأساسية الصحية وهذا الامر ظهر مع الموجة الأولى وقد أظهرت الدولة قدرا من الاستجابة والتعاطي الملح والسريع مع هذا القدر من الهشاشة الذي بدا ظاهرا وتصاعدت إيذائه بعض الشكاوى وما لبست الأوضاع وان اتخذت مسارا افضل وتم التعاطي مع هذا الامر
المسالة الثانية تتعلق بمسالة اللقاحات لأنه هناك توجه عالمي في الواقع لضمان توزيع عادل للقاح وان يبدا هذا التوزيع بالفئات الأكثر حاجة والأكثر ضرورة لتلقى هذا اللقاح وعلى الدولة المصرية ان تبذل جهدا اكبر في مسالة توفير اللقاحات وهى في الواقع تفعل ذلك وتوفر اليات تلقي اللقاح .لأننا نريد ان نحسن مركزنا فيما يتعلق بقائمة الدول التي تتلقي اللقاح وخصوصا الدول التي تتشابه أوضاعها الاقتصادية والاجتماعية مع مصر.
المسالة الثانية المجتمع الدولي في الواقع اظهر رغبة انه يتعاطى مع مسالة جائحة كورونا بتوجه تكافلي عالمي وهذه الرغبة ظهرت في مجلس الامن الدولي بينما تقدمت بعض الدول بمشروعات لما يسمي بلقاحات جماعية او علاجات جماعية.
طبعا النظام الدولي متعدد الأطراف لم يكتمل ولم تظهر فعاليته المناسبة ولم يصبح حقيقيا للدرجه التي يتصدى فيها لهذا الامر
فنحن نحث المجتمع الدولي والدولة الصرية على التعاون من خلال اليات الدولية لتعزيز هذا المنحى، منحى توفير اليات للعلاج وللتلقيح والتطعيم ولان تكون هذه الاليات عادلة على المستوى الدولي.
المسالة الثالثة هي انه مرافقة هذه الجائحة وتداعياتها الصحية التي لمسناها جميعا كانت هناك جائحة أخرى تحدث عنها كثيرون المختصين عالميا منهم مثلا الأمين العام للأمم المتحددة وهى الجائحة المعلوماتية
ففي ما كنا نواجه الجائحة الصحية كنا واجة الجائحة المعلوماتية ببساطة شديدة هذه الجائحة وسندخل عالم ما بعد الجائحة، واذا كان في هذه القاعة 100 شخص فالبحوث واستطلاعات الراي التي صدرت عن مراكز معتبرة تقول ان 100 شخص بينهم 13 شخص ينكرون كورونا وانه ال 100 شخص 50% اكدوا انهم تلقوا اخبار مغلوطة بشان كورونا هذا ما توافر من البحوث التي صدرت عن جهات معتبرة انه في ناس في هذا العالم ينكرون الفيروس . هذه هي ملامح الجائحة المعلوماتية التي انتجت منظور التشكيك في اللقاح ومنظور التشكيك في اللقاح هو منظور سائد وموجود. ومن الممكن انه معالى وزيرة الصحة تخبرنا عن هل هي لمست ذلك ام لا لان في البعض يشككون في اللقاحات وأيضا المنظور الثالث هو منظور الاخبار المتضاربة وغير المهنية التي تشاع عن بعض اللقاحات والتي أيضا تزعزع اليقين في العملية وتحد من الاقبال عن عمليات التلقيح .. دى مجمل التحديات التي يمكن ان واجهها العالم وتوجهها الدولة المصرية أيضا في هذا المجال
المجلس القومي لحقوق الانسان كان منتبها من اليوم الأول لهذه المسالة ووزع جهوده ضمن نطاق ولايته الدستورية والقانونية على 3 مجالات رئيسية
ومن جانبها اكدت الدكتورة نيفين القباج وزيرة التضامن الاجتماعى، إن المجتمع المدنى شركاء أعزاء وأكن له كل التقدير، مضيفة أن اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم ممارسة العمل الأهلى تبشر بفترة جديدة ونقلة نوعية للمجتمع المدنى فى مصر، وتعيد تشكيل العلاقة بشكل أكثر نضوجا بين الدولة والمجتمع المدنى.
وأضافت وزيرة التضامن خلال كلمة لها فى المؤتمر الذى ينظمه المركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية، تحت عنوان “حقوق الإنسان.. بناء عالم ما بعد الجائحة”، أن قانون الجمعيات الأهلية كان مختلف عليه، ولكن الرئيس أصدر توجيهاته بإعادة هذا القانون، فجاء القانون الحالى الذى يعد نتاج عمل جماعى يتميز بالفكر المشترك، وتنص المادة 75 منه بحرية ممارسة العمل الأهلى.
وأشارت وزيرة التضامن إلى أن روح قانون الجمعيات الأهلية يركز على قيم الشفافية والشمولية واحترام حقوق الإنسان والشراكة، موضحة أنه أصبح للمجتمع المدنى استقلالية مالية ويدار بشكل مهنى وكفء، مشيرة إلى أن هناك مكتسبات أضافها القانون واللائحة التنفيذية له من بينها التحول الرقمى وعدم وجود مواد مقيدة للحرية والموافقات السريعة وهى الحق فى الحصول على الشخصية الاعتبارية عن طريق الإخطار مع الالتزام بتقديم المستندات المطلوبة لتأسيس الجمعيات والمؤسسات الأهلية مع أحقية الجهة الإدارية فى الاعتراض خلال فترة 60 يوما، وكذلك تعزيز قيم الديمقراطية والمشاركة ومشتركة الأجانب فى الجمعيات الأهلية وزيادة تمثيل الأجانب إلى 25%، مؤكدة أن تسهيلات قانون الجمعيات الأهلية تعد طفرة حقوقية.