أعلن السودان منذ ساعات أنه قد يلجأ إلى إعادة النظر في سيادة إثيوبيا على إقليم بني شنقول قُمُز الذي يقام عليه سد النهضة، حال استمرت أديس أبابا في التنصل من الاتفاقيات الدولية، خاصة اتفاقية 1902 التي كما رسمت الحدود بين البلدين ومنحت إثيوبيا أرض بني شنقول التي تنشئ عليها السد الآن، ألزمتها بعدم إنشاء أي أعمال على النيل الأزرق.
وذكرت الخارجية السودانية أن التنصل من الاتفاقات السابقة يعني أيضاً أن تتخلى إثيوبيا عن سيادتها على إقليم بني شنقول (موقع سد النهضة) الذي انتقل إليها من السودان 1902، بموجب الاتفاقية التي تسميها إثيوبيا “استعمارية”.
ترجع أصول قبائل بني شنقول، أو “بلا شنقول” كما ينطقها أبناء القبائل، إلى المجموعات العربية التي هاجرت إلي أقصي جنوب النيل الأزرق إلى إقليمهم الحالي ثم تزاوجوا من القبائل المحلية.
وهناك روايات بأن تلك القبائل كانت تعيش في السودان بصورة عادية، لكنها فرت أمام الغزو المصري في عهد والي مصر الراحل محمد علي باشا.
بعد اتباع الاحتلال البريطاني لمصر والسودان سياسة المناطق المغلقة، بهدف عزل التجمعات القبلية الوثنية في السودان وجنوب النيل الأزرق لمنعها من التداخل مع القبائل التي تدين بالإسلام أو المسيحية، مثل بني شنقول، طمع العاهل الإثيوبي مينليك الثاني في ضم المنطقة نظرا لما أشيع عن ثرائها بمعدن الذهب، ولذلك بدأ يساوم الإنجليز لضمها إلى الدولة الحبشية.
وبعد سقوط أم درمان في يد القوات البريطانية والقضاء على الدولة المهدية، تدخلت إثيوبيا واحتلت منطقة فازوغلي والروصيرص ولكن الإنجليز أجروا مفاوضات مع منليك الثاني وتوصلوا إلى توقيع معاهدة أديس أبابا 1902 التي بموجبها يحتفظ منليك الثاني بإقليم بني شنقول ذي الأغلبية المسلمة الذين يتحدثون اللغة العربية، وأن يسحب قواته إلي منطقة جنوب فازوغلي والروصيرص عند منطقة باردا–بمبدي المدخل الشرقي للنيل الازرق في الشريط الحدودي وأن يسحب قواته التي هاجمت منطقة القلابات (التي تسبب حتى الآن توترا حدوديا بين السودان وإثيوبيا) وتسلم منطقة القلابات والقضارف بالكامل للسودان الإنجليزي-المصري.
وعاش أهالي إقليم بني شنقول بعد ضمهم قسرا إلى إثيوبيا أوضاعا صعبة، أدت إلى اندلاع عدة موجات تمرد كان أولها عام 1930، حين طالب الأهالي بالعودة إلى السودان أو الحصول على حكم ذاتي، لكن القوات الإثيوبية أخمدت الانتفاضات المتعاقبة.
وفي بداية إنشاء سد النهضة ثار غضب الأهالي بسبب تهجيرهم من قراهم التي دخلت في نطاق الأعمال الإنشائية الجديدة كالسد والسد الاحتياطي والبحيرة العملاقة، وحصل البعض على تعويضات مكنتهم من الانتقال لأماكن أخرى قريبة، لكن ظلت بعض الحالات مأزومة بسبب اختلاف أوضاع مناطقهم الجديدة عن السابق.
ومع اثارة القضية بدأت المخاوف الحقوقية من صدام عسكرى محتمل بين السودان واثيوبيا حول الاقليم المتنازع عليه وهو ما قد يتسبب في وقوع ضحايا جديدة من المدنيين بعد مذابح تيجراى في اثيوبيا .