أصدرت مؤسسة ماعت للسلام والتنمية وحقوق الإنسان صباح اليوم 31 مارس، تقريرها السنوي الرابع عن حالة حقوق الإنسان في المنطقة العربية بعنوان “حقوق الإنسان في الوطن العربي في ظل جائحة كورونا “، والذي يرصد ويحلل تطورات ووقائع حالة حقوق الإنسان في المنطقة العربية خلال عام 2020، مع التركيز على المأساة التي تعيشها وما زالت المجتمعات العربية، جراء انتشار فيروس كورونا المستجد، والواقع الصعب الذي عانت منه ولا تزال أوضاع حقوق الإنسان الأساسية في ظل جائحة كوفيد – 19.
التقرير الذي جاء في أربع أقسام تناول موقف الدول العربية من الآليات الدولية، وإلى أي مدى كان التعاون والتواصل مع هذه الآليات في ظل الجائحة.
كما سلط الضوء على القيود التي فرضتها جائحة كورونا على تحقيق أهداف التنمية المستدامة، بالإضافة إلى الأوضاع الحقوقية في مناطق النزاع والأراضي المحتلة، وأوضح التقرير في جزئه الأخير الإرهاب وأثره على حقوق الإنسان في ظل انتشار فيروس كورونا.
وأشار التقرير إلى عدد من النقاط جاءت في مقدمتها التأكيد على أن فيروس كورونا المستجد لم يُهدد الصحة العامة فحسب، وإنما عصف وأهدر الكثير من الحقوق والحريات الشخصية المصانة حتى في أعتى الديمقراطيات، واستخدم واستغل في الكثير من الدول لفرض قيود متزايدة، وانتهاك حقوق كانت محمية ومُصانة.
فإن كثير من البديهيات التي لم تكن تخضع للجدل أصبحت قابلة للبحث، فحرية التنقل قُيدت، وإجراءات الإغلاق وحظر التنقل أصبحت سائدة حتى دون تبرير، والحدود أغلقت في وجه المسافرين، والتطبيقات الإلكترونية لتعقب المصابين وكشفهم صارت إلزامية دون التفات لمخاطر خرق خصوصية الناس، والحق في التعليم بات موضع سؤال بعد أن ساد التعليم عن بعد في ظل فجوة بين الأغنياء والفقراء.
وأكد التقرير على أن المنطقة العربية شهدت خلال عام 2020 تحولات شديدة، جاءت تداعياتها واضحة جراء الصدمات المترتبة على انتشار جائحة كوفيد – 19. وكانت أهداف التنمية المستدامة في مواجهة مباشرة مع تلك الصدمات، حيث شهدت المنطقة العربية وقوع 16 مليون شخص إضافي في دائرة الفقر، كما أن الظروف الاقتصادية التي فرضها الوباء اضطرت العديد من الأسر خاصة في دول النزاع إلى تقليص حجم نفقات التعليم والدفع بالأطفال إلى سوق العمل.
وأشار التقرير إلى أن تلك الأزمة قد أسفرت عن حرمان ما يزيد عن 1.2 مليار طالب عالمياً من التعليم سواء بسبب غلق المدارس أو تحديات التعليم عن بعد.
ومن ثم حذر التقرير من وقوع كارثة انسانية فيما يخص التعليم لا سيما في دول النزاع.
وأضاف التقرير أن الأثر السلبي الذي تسببت فيه الأزمة الصحية العالمية وانتشار فيروس كوفيد 19 عالمياً، قد أثر على كافة المناحي الحياتية لا سيما أجندة التنمية المستدامة. وأن أكثر المتضررين بعواقب الوباء هم الدول العربية وخاصة دول النزاع، التي لم تكن في استعداد كامل للتجاوب مع التغيرات العالمية بسبب تدهور أوضاعها الداخلية مما أثر بشكل ملحوظ على قدرتها الإستجابية وحماية مواطنيها من التهديدات المحتملة.
وأكد التقرير على أن تفشي جائحة كورونا لم يمنع الجماعات الإرهابية والتنظيمات المتطرفة من مواصلة عملياتها الإرهابية في المنطقة العربية، فبعد أن انحسرت هذه العمليات نسبيا في الشهور الست الأولى من عام 2020، وهي مسألة تبدو مفهومة في إطار الذعر الذي أثار تفشي وباء فيروس كورونا، لكن سرعان ما شهد النصف الثاني من العام، نشاطاً ملحوظة لهذه العمليات، لاسيما في الصومال والعراق، وفي اليمن من قبل الحوثيين، وكثفت الجماعات الإرهابية المتواجدة في الثلاثة دول السابقة هجماتها الإرهابية على المدنيين والمؤسسات الحكومية والعسكرية، والفاعلين الخارجيين من الدول لاسيما في حالة اليمن، في محاولة لاستغلال انشغال حكومات الدول العربية بالتصدى للجائحة وتشتيت انتباه أجهزة الأمن في تلك الدول على أكثر من جبهة لمواجهة الإرهاب، ومعالجة أزمة الصحة العامة.
وقال أيمن عقيل رئيس مؤسسة ماعت أن انتشار جائحة كورونا قد فاقم من تدهور أوضاع حقوق الإنسان، بما فيها الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والأوضاع الإنسانية المتردية بالفعل في العالم العربي منذ سنوات، كما عطلت الجائحة تنفيذ أهداف التنمية المستدامة، وكشفت عن الاختلالات الهيكلية في كفاءة المؤسسات والمرافق العمومية خاصة في القطاع الصحي في كثير من البلدان العربية، بالإضافة إلى غياب العدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص بين المواطنين، هذا بالإضافة إلى ضعف وهشاشة غطاء الأمان الاجتماعي والاقتصادي الذي توفره الدولة لمواطنيها، كما ضاعف الوباء من الضغوط والمخاطر على الفئات الأضعف في المجتمعات العربية بما في ذلك النساء والأقليات، والعمال المهاجرين، واللاجئين والنازحين.
من جانبه أكد شريف عبد الحميد مدير وحدة الأبحاث والدراسات بمؤسسة ماعت أن انتشار فيروس كورونا زاد من الأوضاع المأساوية التي تعيشها دول النزاع في المنطقة العربية، ففي سوريا واليمن وليبيا أدت تلك الصراعات والحروب إلى انهيار المنظومة الصحية، مما يجعل من الصعب على تلك الدول مواجهة تفشي الفيروس، وأن الاستمرار في تلك الحروب والنزاعات يؤدي إلى تفاقم المعاناة في ظل تسجيل حالات كثيرة مصابة بالفيروس في تلك الدول.